قبل حوالي الشهرين، بدأت المحكمة الجنائية الدولية، في نشر صورة البشير وعدد من المطلوبين، على صفحتها على تويتر، مع دعوة للمجتمع الدولي للمساعدة في تحقيق العدالة، بالقبض على البشير. الإعلان بمثابة إعلانٍ لمتهم هارب كما نراه بالصحف.
وأول أمس طالبت مدعية المحكمة الجنائية الدولية في تقريرها الدوري لمجلس الأمن، طالبت المجلس بأن يبرهن على جديته في تحقيق الحد الأدنى من الإفلات من العقاب، وذلك بمساعدتها في القبض على الرئيس السوداني والمطلوبين للمثول أمام المحكمة على خلفية جرائم حرب دارفور. بنسودة تعلم تمام العلم، بأن دورها في هذه القضية لا يتعدى كرت الضغط الذي تستخدمه الدول المهيمنة على مجلس الأمن متى ما أرادت. وأن المحكمة هي آخر خيارات هذه الدول للتعامل مع قضية البشير . لذلك تقوم بهذا الدور كومظفةٍ بيروقراطية تدرك مهمتها.
منذ فترة ليست بالقصيرة انخرطت بريطانيا والمانيا وفرنسا، في تسويق مشروع العدالة الإنتقالية للفرقاء السودانيين، مسلحين وقوى سياسية، وحققت في مسعاها نجاحات كبيرة، بحيث اختفت المطالبة بتسليم البشير البشير للجنائية من وثائق وأدبيات غالب قوى المعارضة. ولعل إتفاق الدوحة ، الأساس الذي سيقوم عليه التفاوض بين الحكومة وحركات دارفور، أقر وبلا لبس، مسألة العدالة الإنتقالية ضمن بنوده.
انطلقت مجهودات الدول الغربية الثلاث حول العدالة الإنتقالية بالسودان، من دراسة معهد السلام الأمريكي في العام ( وثيقة ناعمة لهبوط البشير ) في العام 2013م ، و التي كان برينستون ليمان المبعوث الخاص الأسبق للرئيس الأمريكي للسودان أحد معديها. حاولت هذه الدول الوصول لصيغة توائم بين عدم الإفلات من العقاب ، بصورة شكلية، مع عدم استمرار البشير في الحكم . ولغياب عامل الثقة، ظل البشير يرفض كل صيغ الحل المطروحة، باحثاً عن طوق نجاة يبدو أنه لا يلوح في الأفق.الآن يعود الغرب للتلويح بالجنائية، فيضيق الخناق من جديد.
لذلك، عندما يخلط البشير أوراق تحالفاته الخارجية، أو يقوم بفعلٍ خارج دائرة المعقول، كزيارته أمس لسوريا، هو لا يبحث إلا عن خلاصه الذاتي، ولا يشعر إلا بأزمته.
سلمى التجاني