الخرطوم – صوت الهامش
بعد الكشف عن الاتفاق “السياسي” الذي تم بين قوى إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي بالخرطوم، أعلنت الجبهة الثورية رفضها إياه واعتبرته غير ملبي للقضايا التي عارضت النظام السابق لأجلها، فسارعت قوى الحرية لإرضائها، ففتحت قناة تفاوضية أخرى معها، بالعاصمة الاثيوبية ادس ابابا، ونجحتا في ابرام اتفاق حوى عددا من البنود، ووعدت الحرية والتغيير بإدراج الاتفاق كملحق في الوثيقة “الدستورية” التي كانت تعتزم توقيعا مع العسكري، وهذا هدئ نيران غضب الجبهة الثورية.
غير أن قوى إعلان الحرية والتغيير، لم تدرج الاتفاق في الإعلان الدستوري، وهذا اثار حفيظة الثورية من جديد تجاه حلفاءها، فهددت ووعدت، وفي الاثناء قدمت الحكومة المصرية وساطتها بين الطرفين، عساها إطفاء نيران هذا الصراع، بيد ان القاهرة أيضا لم تفلح في حل المشكلة، فعاد الصراع بينهما من جديد، فهل من وساطة ناجحة لإطفاء نيران الصراع بين الحلفاء؟
وحول فشل المفاوضات بين قوى إعلان الحرية والتغيير والجبهة الثورية في القاهرة، قال الناشط السياسي يعقوب ود كرا لـ (صوت الهامش) إن الاسباب التي أدت الي عدم ادراج اتفاق ادس ابابا في الوثيقة الدستورية، هي كانت مؤشر قوى لفشل محادثات القاهرة، مؤكدا على ان تجاوز ذلك الاتفاق في الوثيقة الدستورية، كان هو الدفع الذي خاض الطرفين؛ للقيام بجولة محادثات جديدة في القاهرة بوساطة الحكومة المصرية.
ويرى يعقوب، إن الجبهة الثورية تشبعت من دروس الاتفاقات السابقة التي وقعت إبان النظام البائد، التي قال إنها أوضحت عدم وفاء ما سماه بالمركز بالاتفاقات، حول عملية السلام في السودان .
وأضاف بان هذا كان ديدن الحكومات الوطنية، وتابع قائلا: بإن قوى الحرية والتغيير، ترى أن الجبهة الثورية، هي جزء من نداء السودان، وبالتالي لا تستحق ان يتم الاتفاق معها بصورة منفردة، و أذا تم تنفيذ الاتفاق، سيكون لتحالف نداء السودان ما سماها بـ “القطط السمان” من الحصص في الحكومة الانتقالية، وفي الوقت نفسه هو داخل قوى إعلان الحرية والتغيير .
وأردف قائلا: وهذا ما يفسر موقف تحالف قوى الاجماع الوطني الذي رفض الانضمام لمفاوضات القاهرة، رغم وجود ممثليه في كابنة وفد الحرية والتغيير في تلك المفاوضات.
ورهن يعقوب المستقبل العلاقة الإيجابية بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية، بتنازل الاولى للأخيرة، مثلما تنازلت للمجلس العسكري، في أشياء كثيرة أيام المفاوضات بينهما، حتى توصلا لاتفاقي الوثيقة الدستورية، والاعلان السياسي .
وتابع قائلا: ان الاتفاقية النهائي، سيكون ناقص بدون حضور الثورية، وأضاف بان قضية (الحرب والسلام) ستكون هي المحك الأول للفترة الانتقالية، ومضى قائلا: ربما الخلافات بين العسكرين، والمدنيين تنعكس في مجلس السيادة، وتتيح للثورية فرصة جديدة لفرض نفسها كطرف اقوى في ميزان المعادلة السياسية بين شريكي الحكم الانتقالي، واستدرك قائلا: لكن عدم تحقق السلام الشامل في البلاد، يؤدي الي فشل الاتفاقات والعبرة بالخواتيم.
ومن جهة أخرى، قال المدافع عن حقوق الانسان، وعضو هيئة محامي دارفور، عبدو إسحاق المحامي لـ (صوت الهامش) إن من الطبيعي تفشل محادثات القاهرة، معللا ذلك بانها كانت عبارة عن مناورة من قبل المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، مع الجبهة الثورية، واعتبر الاخيرة بانها تمثل الحلقة الأضعف في المشهد السياسي الحالي، لذا استخدمها الطرفين كأداة، ليضغط كل واحد على الاخر، للحصل على مزيد من المكاسب في صراعهما البيني حول السلطة.
ويرى إسحاق إن الخلافات بين القوى السياسية ستؤثر سلبا على الحكومة الانتقالية، المزمع تشكيلها في اواخر الشهر الجاري، وان العلاقة بين الجبهة الثورية والحرية والتغيير، في المستقبل تتوقف على موقف الاولى تجاه شركائها في قوى الإعلان .
وتساءل قائلا: هل تقبل الثورية بالأمر الواقع، كترميز ضليلي في داخل تحالف قوى الحرية والتغيير؟ ام تخرج من هذا التحالف، وتتخذ موقفا سياسيا يناسب وقوتها السياسية والعسكرية والشعبية في المشهد السياسي الجديد في البلاد؟
أما الأمين السياسي لحركة العدل والمساوة، الدكتور. سيلمان صندل حقار، فقال على صفحته الشخصية بـ (الفيس بوك) بعد ان نقض بعض من أعضاء قوي الحرية والتغيير، اتفاق اديس أبابا، لوقف الحرب، وتحقيق السلام الشامل والعادل في السودان، قال بعض من المحسوبين على القوى الناكثة للاتفاق إلقاء القول على عواهنه، بأن الحركات تريد فقط مواقع أو وظائف.
وأضاف صندل، (قلنا أكثر من مرة إن الوظيفة لا تستحق ان يفقد الانسان لأجلها قطرة دم في زمن النظام البائد بالذات) وعلل ذلك: بانه بالإمكان الحصول على الوظائف بالاقتراب من النظام، وأضاف إن العدل المساواة كانت صادقة مع شعبها والتزمت بالقضايا التي تبنتها، وركلت كل العروض التي قدمها النظام السابق اليها، وقال ان الشعب السوداني كله ساهم في اسقاط نظام الإنقاذ سواء بالنضال المسلح، او السلمي) واستثنى ذلك ما وصفهم بـ “الشرذمة القليلة”.
وقال صندل، إنهم يقصدون بحديثهم عن التمثيل العادل في السلطة والثروة “الحقوق” التي يجب ان تأخذ بحكم الانتماء الي السودان، والتي قالت انها لا تأخذ من أحد بل هي حقوق اي مواطن، يجب ان يجدها وتتمثل في السلطة والثروة .
واستدرك قائلا: (ولكن هناك من يعتقد انه صاحب هذا الحق والآخرين عليهم ان ينتظروا حتى يتم منحهم إياها، وان مثل هذه العقلية لابد ان تواجه بكل الوسائل المشروعة)، وأضاف ان قوي الحرية والتغيير كان عليها، ان تشرك كل القادة الموقعين علي اعلان الحرية في عملية الترشيح لمليء مواقع السلطة الانتقالية، سواء كان المعيار علي أساس التكنوقراط أو كفاءات أو معايير اخري.
وأبدى صندل استغرابه وقال: إن اي شخص في هذه الدنيا لا يمكن ان يضحي بحياته لأمر تافه، وفي الوقت ذاته يؤكد استعداده للموت، بل ان ذلك امر جاد للغاية وعليك ان تسمع له تماما، وأضاف: بان ثمة سياسيين وبعض من الناشطين يتحدثون عن الحرب والسلام بعقلية واصفا اياها بـ “الخفيفة”، وانهم لا يقدرون نتائجها الخطيرة والسالبة على الوحدة الوطنية والكيان الوطني.
وحث صندل الجميع للتعامل مع قضية الحرب، وفي اذهانهم جريمة الإبادة الجماعية، وعملية انفصال جنوب السودان، وأردف قائلا: (التعامل الصبياني بعقلية التعالي وعقلية العصور الوسطي سوف تقسم السودان مرة اخري الي دويلات صغيرة).
ونبه بان زوال نظام عمر البشير، سنح فرصة وصفها بالتاريخية، بألا تتسرب، بعد التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب السوداني بالسلم والحرب، واتهم أحزاب لم يسميها بانها تريد العودة بعجلات تاريخ السودان الي الوراء، وأضاف بان المجتمع السوداني، ولا سيما الهامش المظلوم، تسلح بالوعي وانتشر رأسيا وأفقيا، وانه لا يستطيع كائن من كان ان يحرمهم من حقوقهم المشروعة في ان يعيشوا ويذيقوا طعم خيرات بلادهم، ويعشوا حياة كريمة، وإنسانية وراقية تتوفر فيها الصحة والتعليم والأمن.
واوضح بان معركتهم، هي تثبيت الحقوق على أساس المواطنة، واما معركة التحرير من المرض والفقر والجهل، فهي طويلة ومصيرية، راهنا اياها على كل الشعب السوداني، وخص ذلك شعوب الأقاليم المهمشة.
هذا واحتدم الجدل بصورة واسعة وسط الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، فانقسموا الي مؤيدين ومعارضين، للمفاوضات بين الجبهة الثورية، وقوى اعلان الحرية والتغيير، وحيث اعتبر المعارضون، إن الثورية، هي عضو في قوى إعلان الحرية والتغيير، فبالتالي لا ليس هناك سببا واضحا يجعل قوى الحرية تجري المحادثات معها، اما المؤيدين فيرون، ان الثورية لم تكن مشاركة بصورة أساسية في المفوضات التي جرت بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى اعلان الحرية والتغيير، واستشهدوا بذلك بشكوى الثورية، بتغييب ممثليها في وفد الحرية والتغيير المفاوض مع العسكري.