قالت الكاتبة البريطانية هاريت ألكساندر إن تطويع الرؤساء الأفارقة لدساتير بلادهم وفقا لمصالحهم الشخصية ليس أمرا جديدا.
وعادت بالأذهان -في مقال نشرته الـ(تلغراف) – إلى عام 1999 حين عدّل رئيس ناميبيا آنذاك صامويل نوجوما دستور بلاده حتى يؤّمن لنفسه فترة حكم ثالثة، فيما فشل نظراؤه في كل من زامبيا و مالاوي: “فريدريك شيلوبا” و”باكيلي مولوزي” على الترتيب في إنجاز الخطوة ذاتها بسبب انتقادات داخلية .. كما انتشرت تكهنات بتطلع رئيس جنوب أفريقيا السابق تابو إيمبيكي إلى البقاء في منصبه لولاية ثالثة .. وفي بوركينا فاسو، تم إجبار الرئيس المعزول بليز كومباوري على الاستقالة من منصبه بعد تخطيطه مدّ فترة حكمه الذي طال زهاء 27 عاما وهو الأمر الذي قوبل بغضب شعبي.
وعرضت ألكساندر لعدد من الرؤساء الأفارقة الحاليين وعلاقة كل منهم بدستور بلاده؛ فمنهم مَن نجح في تغييره، ومنهم مَن فشل، ومنهم من يحاول:
واستهلت الكاتبة عرْضها بأوغندا، وقالت إن الرئيس يوري موسيفيني قد سنّ سُنة لنظرائه الحاليين، فبمجرد إحرازه السلطة في 1986، قال موسيفيني “مشكلة أفريقيا عموما، وأوغندا خصوصا، ليست في الشعوب وإنما في القادة الذين يريدون الخلود في السلطة” .. كان ذلك حتى جاء عام 2005، وقام موسيفيني بتغيير دستور بلاده على نحو يسمح له بفترة ولاية ثالثة، وهو الآن في فترته الرابعة وقد بلغ من العمر 71 عاما.
ثم انتقلت ألكساندر إلى الكاميرون، وقالت إن الرئيس “بول بيا” هو رابع أقدم رئيس في أفريقيا، بعد رئيس كل من غينيا الاستوائية وأنجولا وزيمبابوي .. وبخلاف رؤساء تلك الدول الثلاث، فإن “بيا” البالغ من العمر 82 عاما نجح عام 2008 في إلغاء دستور بلاده ليبقى في منصبه الذي يعتليه منذ عام 1982، وتشير التوقعات إلى ترشحه مرة أخرى عام 2018.
والتفتت الكاتبة إلى بوروندي، ونوّهت عن الآمال كانت معقودة على أن يضع الرئيس بيير نكورونزيزي نهاية لمشكلة القيادة الكارثية في بوروندي التي استمرت زهاء عقود طويلة .. وأشارت إلى أن نكورونزيزي هو أستاذ جامعي سابق تم انتخابه رئيسا عام 2005 بعد عقود من الحرب الأهلية والعنف العرقي الطاحن بين قبيلتي الـ “هوتو” والـ “توتسي” .. وظل الاعتقاد بأن بوروندي باتت واحة خالية من العنف حتى جاء أبريل المنصرم وأعلن نكورونزيزا عن نيته في الترشح لفترة حكم ثالثة بالمخالفة للدستور، وهو الأمر الذي أثار غضب النشطاء السياسيين الذين حشدوا لتظاهرات شهدت عنفا في شوارع العاصمة بوجومبوروا وأسفرت عن نزوح 300 ألف بوروندي إلى دول الجوار أمثال رواندا وتنزانيا، بعد انقلاب فاشل قام به عدد من جنرالات الجيش.
وكان من المفترض أن تجري الانتخابات الرئاسية في بوروندي في 26 يونيو المقبل، فيما يتوقع مراقبون إرجاءها، ولا يزال نكورونزيزا مُصرّا على خوضها.
وتوجهت ألكساندر إلى السنغال، ورصدت محاولة الرئيس السابق عبد الله واد تغيير الدستور عام 2012 ، وكان واد وقتذاك في عامه الـ 85، على نحو يسمح له بالترشح لفترة ثالثة، غير أن السنغاليين نزلوا إلى الشوارع احتجاجا ولم ينثنِ “واد” عن رغبته وخاض بالفعل الانتخابات لكنه مُني بهزيمة فاجأت الكثيرين في الجولة الثانية أمام منافسه “مكي سال“.
وانتقلت الكاتبة إلى موزمبيق، وتحديدا في 2014، عندما فاجأ الرئيس أرماندو جيبوزا البالغ من العمر وقتذاك 72 عاما، الكثيرين بالتنحي عن السلطة وإعلانه مغادرة عالم السياسة إلى غير رجعة بعد أن أنهى فترة ولايته الثانية رغم توقعات الكثيرين بأن يمدد لنفسه بدعوى النزول على إرادة الجماهير .. وكان جيبوزا لا يزال يحظى بشعبية كما أن حزبه “فري ليمو” يحكم موزمبيق منذ استقلالها عن البرتغال في 1975.
والتفتت ألكساندر إلى نيجيريا، وتحديدا في مارس من العام الجاري، حيث شهدت البلاد واقعة هي الأولى في تاريخها عندما ترك ” جودلاك جوناثان” منصب الرئاسة عبر صناديق الاقتراع، دون أن يطعن في نتيجة الانتخابات على خلاف المتوقع، مُسّلما مقاليد الحكم إلى “محمد بخاري” في أول عملية انتقال سلمي للسلطة في نيجيريا منذ نهاية الحكم العسكري في 1999.
وتوجهت الكاتبة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، راصدة محاولات الرئيس الشاب جوزيف كابيلا البالغ من العمر 43 عاما والذي وصل إلى السلطة في 2001 بعد أيام من اغتيال والده الرئيس السابق لوران كابيلا، وقد فاز بفترة ثانية مدتها خمس سنوات في انتخابات مطعون على نتائجها عام 2011، وهو بموجب الدستور محظور من الترشح لفترة ثالثة في العام المقبل 2016 .. ورصدت ألكساندر محاولة الرئيس جوزيف تعديل الدستور في يناير الماضي على نحو يسمح له بالترشح لفترة ثالثة غير أن هذا التحرك قوبل بتظاهرات رافضة انتهت بتعهده بعدم الترشح.
وانتقلت ألكساندر إلى الكونغو برازافيل، حيث أعلن الرئيس الأقدم في أفريقيا، “دينيس ساسو” والذي حكم الكونغو برازافيل في الفترة من 1979 وحتى 1992 ثم طُرد ثم أعيد انتخابه في 1997 حتى الآن، أنه يرغب في تغيير الدستور الراهن الذي لا يسمح له بالترشح لفترة جديدة.
والتفتت الكاتبة إلى دولة “بنين”، وأعادت إلى الأذهان وعود الرئيس توماس بوني، الناخبين وقادة عالميين بينهم باراك أوباما، بعدم الترشح للرئاسة بعد إتمام ولايته الثانية التي ستنتهي العام المقبل .. لكن الشكوك باتت تحيط بالتزام بوني بعهوده، بعد إعلانه مؤخرا عن خطط لتعديل دستور البلاد.
واختتمت ألكساندر عرضها بالحديث عن رواندا، حيث الرئيس بول كاجامي يحكم البلاد منذ عام الإبادة الجماعية 1994، والذي شهد ذبْح نحو 800 ألف رواندي في 100 يوم، وكان كاجامي بادئ الأمر نائبا للرئيس ثم بحكم الواقع صار حاكما للبلاد، حتى تم انتخابه عام 2000 رئيسا لـ رواندا .. وقد أنهى كاجامي البالغ من العمر 57 عاما فترتيه الرئاسيتين اللتين يُقرّهما الدستور حيث مدة الفترة سبْع سنوات، ولكنه لا يزال في الحكم بالمخالفة لهذا الدستور ولا يعلم أحد شيء عن نواياه المستقبلية من حيث الترشح لفترة جديدة من عدمه.