واشنطن : صوت الهامش
نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول الاتجار بالبشر للعام 2017، وتضمن التقرير توصيات للسودان في هذا الصدد، أبرزها: منْع تجنيد الأطفال من جانب كافة الجماعات المسلحة، وتسريح كافة الأطفال المجندين من صفوف الميليشيات الموالية للحكومة والجماعات المعارضة وتوفير خدمات وقائية لهؤلاء الأطفال؛
وتجريم الاتجار الجنسي بالأطفال، وتعديل قانون مكافحة الاتجار لوضع تعريف محدد للاستغلال؛ وتمييز فروق قانونية واضحة بين جرائم الاتجار بالبشر وجرائم التهريب، ويتضمن ذلك سنّ تشريع فيدرالي مكافح للتهريب ووضْع صياغة متوائمة لتشريع وطني وعلى مستوى الدولة لمكافحة الاتجار؛
وتطبيق قانون مكافحة الاتجار لزيادة محاكمات وإدانات المتّجرين على سبيل التفريق بينهم وبين المهّربين، والتأكيد على زيادة العقوبات المفروضة على المدانين بالاتجار؛ وتدريب الجهات المعنية بتنفيذ القانون على تمييز جرائم الاتجار عن غيرها من الجرائم، ووضْع تدابير للتعرف على ضحايا الاتجار من بين الفئات الضعيفة من السكان وتقديم خدمات وقائية لهم، ويغلب وجود هؤلاء بين مَن يقومون بالخدمة في المنازل ومَن يعملون في البغاء من سيدات وأطفال ومن اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الأجانب والمواطنين السودانيين في الخارج؛
وضمان عدم تعرض الضحايا للعقاب على ارتكاب أفعال غير قانونية كنتيجة مباشرة للتعرض لعملية اتجار بالبشر؛ والسماح للضحايا بالحرية الكاملة في الحركة من ملاجئ الحكومة الآمنة؛ وتعديل قانون عام 1955 المتعلق بعمال الخدمة المنزلية بهدف توفير حقوق متساوية وحمايات لتلك الفئة؛
تطبيق وتكريس موارد كافية لخطة عمل وطنية لمكافحة الاتجار؛ وتوفير خدمات وقائية كافية لكافة ضحايا الاتجار، بغض النظر عن مساهمتهم في تطبيق القانون أو جهود الملاحقات القضائية، وضمان خدمات حماية للشهود الضحايا؛
وتدشين تدريب منتظم لمكافحة الاتجار للمعنيين من مسئولين حكوميين ودبلوماسيين سودانيين بالخارج؛ وتطوير حملات توعية تتناول كافة أشكال الاتجار، بما فيها العمالة القسرية والاتجار بالجنس.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية، إلى أن حكومة السودان قامت بجهود ضئيلة على صعيد تطبيق القانون، وأن المسئولين السودانيين مستمرون في الخلط بين الاتجار والتهريب، الأمر الذي يعطل التطبيق الفعّال لتشريع مكافحة الاتجار.
ولفت التقرير إلى أن قانون مكافحة الاتجار لعام 2014 يجرّم إغراء أو نقل أو اختطاف أو استلام أو احتجاز أو استمالتهم “بنية استغلالهم أو استخدامهم في أفعال غير قانونية”. لكنه مع ذلك أخفق في تحديد ما يشتمل عليه الاستغلال، والذي يتضمن في القانون الدولي: العمالة القسرية والبغاء القسري.
واتهم التقرير، حكومة السودان بعدم الوفاء بالحد الأدنى من المعايير المتطلبة للقضاء على الاتجار بالبشر، وبعدم بذل الجهود الكافية لعمل ذلك؛ ومن ثمّ ظل السودان في المستوى الثالث بحسب تصنيف التقرير للدول المعنية.
ولم تقدم حكومة السودان معلومات حول ما إذا كانت تموّل دعم الضحايا وحمايتهم بشكل مباشر أو عبر هيئات أخرى؛ كما أنها اعتمدت على منظمات دولية ومنظمات المجتمع المدني لتوفير ملجأ آمن ورعاية طبية ودعم نفسي-اجتماعي وخدمات الترجمة وحماية الشهود.
ولم تُفِد الحكومة بما إذا كان أي من ضحايا الاتجار المحتملين أقام أو تلقى رعاية في أي من الملجأين الآمنَين في ولاية كَسَلا واللذين تُشغّلهما إحدى المنظمات العالمية بتمويل من هيئة غير حكومية؛ فيما أشارت تقارير إلى أن السلطات لأسباب أمنية لم تصرح للضحايا بمغادرة الملاجئ الآمنة بغير حراسة مرافقة.
وفي سبتمبر 2016، أطلقت الحكومة السودانية سراح 21 معتقلا من الأطفال بزعم ارتباطهم بمقاتلي حركة العدل والمساواة؛ وبالتعاون مع منظمة دولية قدمت الحكومة دعمًا نفسيًا واجتماعيا للأطفال وساعدتهم على إعادة الاندماج.
ولفت التقرير إلى أن قانون 1955 المتعلق بالعاملين في الخدمة بالمنازل يوفر إطارا قانونيا لتوظيف وتسجيل العاملين في الخدمة بالمنازل بحقوق عمال وتدابير حماية محدودة. ولم تُفِدْ حكومة السودان بتسجيل أو حماية أيا من العاملين في هذا القطاع بموجب القانون (أثناء هذا كتابة التقرير).
ويرى التقرير أن الحكومة السودانية استمرت في بذل جهود محدودة لمنع الاتجار في البشر، لكن بعض السياسات السودانية قد تكون تسببت في احتمالية تعرّض بعض الفئات الضعيفة من السكان للاستغلال؛ فعلى سبيل المثال، تتطلب إحدى سياسات 2016 من المهاجرين القادمين من جنوب السودان أن يُسجلوا أسماءهم بشكل رسميّ في غضون أسبوع من الوصول للسودان، وتحدّ تلك السياسة من حصول هؤلاء المهاجرين على عمل قانوني وتتركهم عُرضة لمواقف استغلالية للحصول على عمل.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة السودانية التزامها بإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم في القوات المسلحة، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان مقترفو تلك الممارسات قد تمّ توقيفهم إداريًا أو مساءلتهم جنائيًا على أفعالهم.
ويقول التقرير إن حكومة السودان لا تزال تفتقر إلى الآليات اللازمة لتحديد المجندين دون السنّ القانونية؛ وفي 2017 وقّعت “الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال” على (خطة قانون الأطفال الجنود) في جنيف لإنهاء ومنع تجنيد الأطفال، كما استمرت وحدة حماية الأطفال التابعة للقوات المسلحة السودانية في قيادة هذا الجهد.
وعلى الرغم من استمرار (لجنة السودان لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج) في التزامها الخاص بتجنيد الأطفال الجنود إلا أن أنها فيما يبدو تفتقر إلى القدرة والموارد المالية اللازمة لتنفيذ هذا الالتزام؛ كما أن اللجنة الوطنية الحكومية لمكافحة الاتجار المعنية بتنسيق الجهود في هذا الصدد على المستوى الفيدرالي – هذه اللجنة تفتقر إلى الموارد المؤهلة لكي تكون هيئة تنفيذية، وهو الأمر الذي أعاقها عن تنفيذ التزامها بفاعلية وبصورة شاملة.
وأكد التقرير أن الموارد المخصصة لمكافحة الاتجار بالبشر في السودان وكذلك القدرة على إجراء التحقيقات في هذا الصدد لا تزال غير كافية، كما أن المسئولين في هيئات تنفيذ القانون وفي الهيئات القضائية لم يُنسقوا معًا في تطبيق قانون مكافحة الاتجار واستبدلوه في كثير من الأحيان بإطارات قانونية أخرى بعضها يحمل عقوبات أخفّ وطأة، في معاقبة المُدانين بالاتجار في البشر.
ويشير التقرير إلى حالات غير مؤكدة تشير إلى تورّط ضباط شرطة ومسئولين محليين شرقيّ السودان في جرائم اتجّار بالبشر؛ ولم تُفِدْ الحكومة بأي معلومات حول التحقيقات أو الاستجوابات أو الإدانات للمسئولين المزعوم تورطهم؛ فضلا عن ذلك لم تُشِر الحكومة السودانية إلى أية تحقيقات أو استجوابات لمسئولين في هيئات أمنية أو عسكرية مزعوم تورطهم في استخدام الأطفال وتجنيدهم؛ كما أن الحكومة السودانية لم توفر بشكل مباشر أو تدعم أية مساعدات عينية أو أية تدريبات لمسئولين في مضمار مكافحة الاتجار؛ وإنما تعتمد الحكومة بدلا من ذلك على منظمات دولية للمبادرة بمثل تلك الجهود.
وعلى صعيد الوقاية من الاتجار بالبشر، أفاد تقرير الخارجية الأمريكية، بأن حكومة السودان لم تبذل غير القليل من الجهد لتحديد ومساعدة ضحايا الاتجار؛ كما أنها تفتقر إلى تدابير منهجية لتحديد هؤلاء الضحايا بين فئات السكان المستضعفة، كما أن الحكومة السودانية لا تستخدم بشكل متسّق آليةً معيارية لتوفير خدمات وقائية للضحايا، ونتيجة لذلك يتعرض هؤلاء الضحايا للاعتقال أو المحاكمة أو الترحيل من السودان بتهمة ارتكاب أفعال غير قانونية تتعلق بالاتجار بالبشر!
واتهم تقرير الخارجية الأمريكية، حكومة السودان بعدم بذْل ما يكفي من الجهود لتقليص الطلب على أعمال الجنس التجاري والعمالة القسرية، وبعدم بذْل ما يكفي من الجهود لرفع الوعي حول سياحة الجنس مع الأطفال؛ كما أن حكومة السودان لم تُشِر إلى توفير تدريب لدبلوماسييها في مضمار مكافحة الاتجار بالبشر.