إعداد : عثمان نواي
ان عمليات البحث عن المعادن الثمينة والنادرة مثل الذهب واليورانيوم تعد إحدى أهم أسباب النزاعات التي تنشأ حاليا والتي ستزداد مستقبلا في السودان بين النظام والمجتمعات المحلية التي يقوم النظام بنهب مواردها وافقاراها دون أي قدر من المشاورات أو التنسيق أو التعويض أو حتى التنمية لمناطق فقيرة رغم غناها بالموارد. ان حمى الذهب التي تشهدها مناطق عدة في السودان مدفوعة بفقر مدقع يحيط بمناطق إنتاج الذهب عشوائيا، هي إحدى مظاهر التناقض التي تنبئ بانفجار وشيك على مستويات اجتماعية وسياسية حيث ان أصحاب الأرض والحقوق يقاومون مشاريع للتعدين التي تضر بيئتهم عبر التلوث وأيضا تسهم في مزيد من أفقارهم عبر نهب مواردهم. وهنا استعراض مختصر للتحديات المعقدة التي تواجه مناطق جبال النوبة الغنية بمعادن الذهب واليورانيوم والوضع المرشح للانفجار نتيجة لاستخراج الثروات بشكل فاسد وغير عادل في حق المواطنين والمقيمين في المنطقة.
يعد الان السودان الدولة الثانية على مستوى أفريقيا في إنتاج الدهب بعد جنوب أفريقيا. حيث أن التعدين الاهلي في السودان ينتج ما لايقل عن 90 في المائة من إنتاج الذهب. وهذا الإنتاج تعتمد عليه الحكومة لأنه غير منظم وأكثر من 70 في المائة منه يتم تهريبه عبر طرق مختلفة هذا مع دعم من الحكومة وأفراد داخل النظام لأن عدم انتظام التعدين الاهلي يسهل عمليات الفساد. من ناحية أخرى فإن التعدين الاهلي ينتج فقط 30 في المائة من الذهب عبر استخدام الزئبق بينما 70 في المائة من الذهب تخرج من الكرتة التي تشتريها شركات مختلفة أغلبها مملوك لشخصيات من المؤتمر الوطني واقرابائهم
يتم التعدين عبر الشركات التي تستخدم الكرتة والتي هي عبارة عن بقايا التعدين العشوائي للأهلي، عبر استخدام السيانيد والذي هو اقدر على استخراج الذهب من الزئبق الدي يستخدمه المعدنين التقليديين. ولذلك فإن معظم الشركات الصغيرة العاملة تنافس الان عمل المعدنين ولكنها أيضا تعتمد عليهم لأنها لا تقوم بأي عمليات حفر أو تنقيب بل فقط تجمع بواقي التنقيب الاهلي وتقوم باستخراج الذهب منها . وحسب وزارة التعدين فإن هناك أكثر من مليون ونصف معدن تقليدي عامل في كل مناطق السودان. نصف مليون على الأقل في الشمالية ونهر النيل والبقية موزعة بين دارفور، جبال نوبة ،وشمال كردفان والبحر الأحمر .
الان الحكومة تتجه بقوة نحو بيع المربعات الخاصة بتعدين الذهب التي ينشط فيها التعدين الاهلي لشركات كبرى أجنبية وذلك بإعطاء أمتيازات التنقيب حتى تتمكن هذه الشركات من إنتاج أكبر من الذي تنتجه التعدين الاهلي. هذا الوضع سيؤدي إلى إيقاف عمل المعدنين الاهليين في السنوات القادمة.
إضافة لقصة الذهب هناك معادن ثمينة أخرى في السودان سوف تقود لنزاعات كبيرة قادمة أهمها اليورانيوم. وحسب معلومات من عدة مناطق منها في شمال وغرب السودان يوجد شكوك أن هناك شركات تتبع للجهات الأمنية والعسكرية تعمل على تعدين الذهب، ولكن المواطنين قرب المنطقة يشكون في أعمال أخرى نسبة لزيارات عسكرية من دول أجنبية مثل إيران والصين وغيرها وهذه الشكوك تدعي إلى احتمال استخراج يورانيوم ومعادن أخرى حساسة.
ان اليورانيوم بالتحديد من أندر الموارد الطبيعية التي تستخرج عبر عمليات معقدة نسبيا. جبال النوبة كمنطقة جبلية بركانية غنية بالمعادن بشكل كبير. تحتوي على معادن منها :
1-الذهب 2-النحاس 3-الزنك 4-النيكل 5-الحديد 6-المنجنيز 7-الجرافيت 8-الكروم 9-اليورانيوم 10-التلك 11-الرخام 12- الفوسفات
ويوجد اليورانيوم حسب وزارة التجارة الخارجية السودانية والذهب في جبال النوبة في الجبال الشرقية.
مؤخرا أعلنت الحكومة فتح الاستثمار في التعدين في اليورانيوم في السودان. ان تعدين اليورانيوم يحتاج إلى عمليات معقدة تحتاج إلى استثمارات كبيرة يصعب إنتاجها عبر التعدين العشوائي كما يحدث في تعدين الذهب. رغم أن العمليات يمكن أن تتم بشكل بسيط نسبيا إذا تواجد اليورانيوم بشكل سطحي. بشكل عام هناك شروط استخراج وتخزين وتعدين معقدة لهذه المادة المشعة النادرة والتي لا توجد سوي في كندا وأمريكا ونيجيريا والان في السودان وبنسب أقل في دول أخرى.
في شهر مارس الماضي أعلن وزير المعادن ووزير التجارة أن السودان سيفتح باب الاستثمار في اليورانيوم. وحسب الخارطة الجيولوجية للموارد المعدنية في البلد فان اليورانيوم موجود في جبال النوبة. ونسبة لخطورة عمليات الاستخراج والمتاجرة في اليورانيوم التي تمس الامن العالمي فإن روسيا هي الشريك الأساسي إضافة لإيران في استخراج اليورانيوم. حيث أن جبال النوبة بلا شك مستهدفة بشكل رئيسي لاجل استخراج هذه المادة النادرة والغالية الثمن. حيث أن سعر الرطل الخام من اليورانيوم الان هو 21 دولار. و من المتوقع أن السودان من الدول التي لديها احتياطي بكميات غير محددة لكنها واعدة.
وحسب دراسات لهيئة الطاقة الذرية السودانية فإن اشعاعات اليورانيوم تم رصدها بشكل كبير في جبل (ارو) (وكورن) في الجبال الشرقية لجبال النوبة. المنطقة الأخرى التي يوجد بها بورانيوم هي حفرة (النحاس) في دارفور.
(ونصر) مؤخرا أن هناك اتفاقيات بين الحكومة السودانية وروسيا بخصوص التعدين في اليورانيوم. ويبدو أن دول عربية تسعى لإنشاء مفاعلات نووية للطاقة مثل الأردن تسعى للاستثمار أيضا. ولا يبدو أن هناك شركات عاملة حاليا في التنقيب لكن تصريحات الحكومة الأخيرة تمهد الطريق لاستكمال اتفاقيات كما يبدو. ولكن العقوبات كانت عائق و كون السودان في قائمة الإرهاب يعد أزمة أيضا.
وحسب دراسة في منطقة جبل اروح بجبال النوبة قام بها عدد من الباحثين السودانيين من جامعة الملك سعود في عام 2010 فإن تركيز اليورانيوم في المنطقة وصل إلى 2.6 أكثر من المعدل العالمي. وهذه النتائج تم التوصل إليها من خلال عينات من الحجارة الفسفورية والتي عبر عمليات كيميائية تكون ما يسمي (بالكيكة الصفراء) التي تتكون من الفوسفات المحتوى على تركيز اليورانيوم والذي وصل إلى 98 %حسب الدراسة. لذلك فإن المنطقة غنية بالفعل بشكل ضخم بهذه المادة الخطيرة .
ولهذا فإنه من المرجح إذن أن يتم عمليات استخراج واسعة لليورانيوم في المنطقة حيث انه سيشكل ثروة أضخم من الذهب بشكل كبير. ولكن سيجعل جبال النوبة في قلب الصراعات العسكرية الدولية خاصة بين إيران وأمريكا وروسيا والصين وإسرائيل. باعتبارها أكثر الدول تنافسا للحصول على هذا المعدن. ولكن من المستبعد بشكل كبير ان يكون من المخطط إقامة مفاعل نووي، وبالطبع المقصود مفاعل سلمي لأغراض الطاقة. لأن المفاعلات العسكرية ممنوعة دوليا باتفاقيات دولية عديدة. وأزمة ايران الان هي في الشك في أنها تقوم بتخصيب اليورانيوم لأغراض غير توليد الطاقة. لكن حتى إقامة مفاعل نووي للطاقة يعد أمر مكلف حتى للدول الغنية بما فيها السعودية وتركيا مثلا. تركيا مؤخرا أقامت اتفاق مع روسيا لإقامة محطة طاقة نووية يتكلف 200 مليار دولار. هذا مبلغ من المستحيل أن يحصل عليه السودان من اي قروض. لكن من المرجح بشكل أكثر ان عمليات كبرى لاستخراج اليورانيوم ستتم في الفترة المقبلة في جبال النوبة. وهذا الأمر يؤدي إلى التلوث الكبير في المنطقة، خاصة التلوث الإشعاعي بشكل أساسي الناتج من اليورانيوم نفسه. هذا إضافة إلى التلوث الذي سينتج من عمليات الإنتاج. و ربما سيتم ترحيل السكان أو محاولة تغيير أماكنهم.
ولهذا فإن مخاطر هذا الواقع يتطلب تنظيم مقاومة واضحة ومكثفة لهذا المسار الخطير لدولة السماسرة وان يكون العمل بشكل جاد وسريع. ان دولة الكيزان مستعدة دوما لبيع السودان وموارد ولأنهم بالبشر بل فقط بالمواد والمال. ولذلك فإن وحدة الشعوب السودانية المتضررة في معركة واحدة وخاصة في منطقة جبال النوبة المطالبة بالحقوق في امبارح والأرض هي معركة مستمرة ودائمة ويحب أن يتم الأعداد لها جيدا من الآن قبل أن تقع كوارث ليس لبلد متخلف تقنيا وعميل قدرة للتعامل معها كما أن الوضع السياسي لا يحتمل اي ضغوط جديدة على الوضع المتفجر اصلا .
[email protected]