د.بخيت أوبي
في زخم تتابع الاحداث وتتالي المستجدات على الساحة السياسية في السودان، وما يشغل النخب من تكوين حكومة مدنية فى ظل الصراع ومعركة كسر العظم ومحو اثار النظام البائد وتركته الثقيلة على كاهل السودانيين، من فشل كبير علي كافة اوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومن مخزون التناقضات القديمة وتوزيع مراكز القوي التي اجادها النظام للحفاظ على كرة الثلج متدحرجة في وجه التقلبات المحلية والدولية للتكيف مع التغيير المستمر، وامداده بقوى دفع لتجديد نفسه حينا بعد حين، من تحالفات واللعب على الاوراق المختلفة والكتل المتجاذبة والمتنافرة فى ان معا، وكذلك ما صحب ذلك من تغيير مراكز النفوذ والقوى على المستوي الداخلي من القوات المسلحة والدعم السريع والاجهزة الامنية المختلفة والاتفاقات الصورية مع حركات الكفاح المسلح ولعبة العصا والجذرة مع الاحزاب ومشاركتها الهامشية في السلطة بالاستيعاب تارة وبالاستبعاد والتخوين تارة اخري، وتحت كل ذلك لم يسلم المجتمعات المحلية من جني اثار التناقضات في معركة اللعب بالبيضة والحجر، فاخذت نصيبا وافرا من التشظى والتشرزم والتصدع، فكانت الاستقطابات والمواجهات المسلحة وتعميق جذوة الخلاف بشكل يصعب معه الحل السريع لتراكم موجات الخلاف والنزاع المستمر والمتقطع وغير المنتهي، وما يمكنه ان يكون عجلة دفع لنزاعات مستقبلية تتفجر حسب الظروف المستقبلة، يشكل ذلك كله صورة قاتمة وافق ملبد بغيوم التعقيد اذا لم تجد الحكمة والحصافة والتنوير من النخب كي تجد طريقا مشتركا وارضية صلبة للقفز برشاقة فوق حقل الالغام هذا، ولاشك ان الصعوبات جمة في ظل اثننه المؤسسات وقبلنه الولايات وخصخة المؤسسات العامة، واقطاعيات القطاع العام والخاص، ومعاناة المواطن من المؤسسات الظاهرة للعيان ولكنها خفية الاهداف، تمتلكها تنظيمات غير رسمية، وكتل تاخذ اشكال عدة تختلف فى درجات ومستويات الانتماء والولاء منها حزبية ومنها تراتبية قبلية ومنها مناطقية ومنها مصلحية استثمارية. في ظل هذا الوضع المعقد يغيب البعد المفقود في الازمة السودانية بين ثنايا التعقيد الموروث من تركة النظام البائد، فالتغيير يتطلب جهدا كبيرا وتفاني ونكران ذات اكبر ووطنية امتن، فأس. الداء ومكمنه في التفاصيل الصغيرة في القاع بدأ من تركيبة المجتمع وادارته من الادارة المتوارثة منذ فترة ما قبل الدولة الى ادارة حديثة ديمقراطية يعترف بالكل في اطار المنطقة الجغرافية بغض النظر عن القبائل والانتماءات، وكذا اعادة فك وتركيب المؤسسات وتضميد جراحاتها مما علق بها من شوائب صارت عرفا بالمحاصصة والترضية فاندحاء هذا المنهج يعتبر طريقا امنا للعبور بالمؤسسية الى مراقي الرقي، ولا يمكن اغفال المؤسسات التعليمية كرافد للمؤسسات ان تغذيها ويجب تغذيتها بروح الانتماء للمؤسسة والدولة لا الانتماءات الصغيرة والمحدودة، فالتغيير يصطدم باعداء التغيير والحرس القديم واصحاب الامتيازات والمصالح بلاشك. والمتابع لمجرى الاحداث يلاحظ بلا ادنى شك ظهور هذا البعد المفقود وغير المعالج بعد في كثير من المناطق ابتداء من الجنينة وكرينك وجلدو والقضارف. وغيرها من المناطق، ويعتبر اكبر عائق فى طريق الحرية والتغيير والسلام والعدالة ودولة المؤسسات، يجب ان يعطي مساحة اكبر ومناقشات عميقة ومواجهتها بصورة جادة وبالشفافية اللازمة لمخاطبة جذور الازمة وحلها حلا مستديما، ولاضير ان خصصت لها وزارة تعمل في مجال السلم الاهلي وحل النزاعات، وما معاناتنا في السودان الا مناقشة القشور وعدم النفاذ الي لب المشكلة ، يجب ان يتحلي النخب بالشجاعة الكافية لمناقشة المشكلات الموجودة في الواقع السوداني بعيدا عن دس الرؤوس في الرمال، وافتراض ان الامور على ما يرام.