جيمس الفريد باولو
الحركة الشعبية – نموذج الفشل الكبرى(1)
منذ اندلع ثورة 18 أغسطس المجيدة عام 19544م وإلى يومنا هذا، ظل الشغل الشاغل للسودانيين الجنوبيين في ان يكونوا أحرار في وطن يصان فيه كرامتهم وحريتهم.. فسعيا منهم في تحقيق هذا الغرض النبيلة، قادتهم العزيمة في البحث عنها الى مسيرة طويلة من النضال الجماهيري انطلقت بإطلاق اول رصاصة من مدينة توريت الصامدة ضد متناقضات الحرية القائم يومها إيذانا ببداية مرحلة جديدة من النضال التحرري الذى لم يكتمل فصولها بعد حتى بعد إعلان قيام الدولة في جنوب السودان بل العكس بإعلانه هذا ووفقا لقراءتنا للتاريخ الحديثة لجنوب السودان، تعد هذه الخطوة بمثابة بداية لمرحلة جديدة من النضال الجماهيري لاسيما والمرحلة ما بعد النضال التحرري قد حمل في طياته متناقضات المرحلة ما قبلها والمتمثلة في التناقض السافر بين الطرح والتطبيق، وبين النظرية والممارسة والتي في خضمها، كيف تحول الحركة الشعبية إلى الشعبوية منها وغولا كبير يتمادى في تواغله على مقومات بناء الدولة حينما جعل من الاستقلال مشروعا لإعادة تكريس الاستبداد من الجديد بعد ان قاومها الشعب ردحا من الزمان فاتحا بتلك التوجه الاستبدادي، أبواب المقاومة الشعبية على مصراعيه.
لا شك هذه المسيرة في ظل التناقض الجوهري بين مشروع الشعب في الحرية والبناء والتقدم..، وما تحرسه اليوم جيش الحركة الشعبوية القبلي العنصري، ترفع من الحس الوطني والعزيمة الجماهيرية في مواصلة نضال الخلاص، وتحرير الوطن من سارقي الاستقلال الذين اوصلوا البلاد إلى نفقا مظلما، نضالا تفرضها علينا متطلبات بناء الدولة ذاتها التي لا نتمايز فيه على أساس قبائلنا، ولا ينال فيه المرء كامل حقوقه، حينما ينتمي لقبيلة بعينها.
وطالما لنا في وطننا دروسا كثيرة يمكن ان تمدنا بزادٍ كبيرٍ حول ضرورة خلاص الوطن من هذا الاخطبوط الكبير المسماة بالحركة الشعبوية لتحرير” المجنقجنقين” التي لا يزال يتلاعب بمقدرات البلاد على حساب اسياده القبليين، والقبيلة الذي ينتمون لها، لا نرى في مقاومته ونظامها الفاسد سبيلا لاسيما والحركة الشعبوية نفسها اصبحت ألعوبة بين أيديهم يحركونه كما يحلو لهم وفقا لمصالحهم الخاصة مما اكتشفت لنا أخيرا عن الروح الشريرة الذى يقعد بشعبنا عن مسايرة ركب التقدم والمتمثلة في الحركة الشعبوية نفسها والقبيلة التي يحتضنها زورا باسم الشعب.
ففي ظل المتجلي من تجليات إخفاقات السلطة الحاكمة وعنصريته، نتوافق في ان الحركة الشعبية وقياداتها قد خانوا الشعب خاصة وان هذا الشعب لم يناضل طيلة هذه المدة ليدخوله الحركة الشعبوية مجددا في استبداد اخر مثلما هو قائم اليوم. انها مفارقة بعينه الحافز لاستنهاضه لمقاومة سارقي حريته، وكرامته، وكبرياءه.. الذي بين عشية وضحاها، تحول إلى جلاد وسجان مستبد.. في تراجع تحريرية تحتم علينا مقاومته تحت لواء القوى الوطنية الرافضة لاستبداد الحركة الشعبية وعنصرية منتسبيها كخطوة اولي نحو وضع البلاد في مساره الصحيح، مسار البناء والتقدم – والنهضة الشاملة على جميع الأصعدة.
اليوم بعد ان سرقت الحركة الشعبوية البلاد وحولتها إلى مكانا لتدمير الذات بسياساتها الاستبدادية والتدميرية المشينة، باتت من المؤكد مقاومته بالسبل المتاح، ضرورة من ضروريات المرحلة التي تفرضها علينا واقع الاستبداد نفسها والتي حتما لا تخرج منها الدولة منتصرا على امراضها الفتاكة التى يمكن ان تمزق وحدتها إن تقاعسنا في مقاومة استبداد الحركة الشعبوية خاصة والسلطة اليوم في ظل نظام سلفاكير القبلي، باتت أداة للقهر والاستبداد القبلي.. ومن هنا كان خلاص الوطن من استبدادها، وعنصرية منتسبيها من بعض ابناء الجينق، ينبغي ان تشكل اولوية قصوى في المرحلة القادمة بغية استدراك مستقبل مشرق للأجيال القادمة، دافعنا للجزم ان الأمل في المستقبل الواعد، تكمن في تحرير البلاد من هذا استبداد – وهذا بضرورة، يتطلب تشابك الأيادي من اجل تحقيقها درعا بالاخطار المحدق بالوطن والتي في مقدمة مقدماتها، الحركة الشعبوية ونظامها الفاسدة.
فوضوح الصورة المأساوية اليوم إلى الحد الذي معها يتطلب القيام بعمل ما، لا يعني باي شكل من الأشكال بانها ستقوم على الانتقام القبلي النفق المظلم التي جرت فيها الحركة الشعبوية البلاد، بل العكس طالما مستقبل البلاد تكمن في طريق مغايرة تماما نرى فيه استنهاض القوميات الأخرى أمام استبداد الحركة الشعبوية هذا، بالرد الطبيعي لها والعمل الصائب الذي لابد من وضعها في سياقه الصحيح وبلورته في قوة لا تلين يقود الجماهير نحو اجتثاث نظام سلفاكير القبلي من جذورها وفي هذا الاتجاه ، ليس هنالك طريق اخر بغير المقاومة والمواصلة فيها. انها طريق الخلاص الوحيد الذي يمكن ان نحرر بها البلاد من استبداد الحركة الشعبوية، ونصون بها الاستقلال من أطماع القبليين الذين يخططون بصورة مستمرة في إبادة القوميات الاخري، وما البؤر الاستيطانية القائمة اليوم عنوةً في اراضي تلك القوميات، تعبيرا صادقا عن نية ” الجينق كانسل ” في إبادة المنتمين لتلك القوميات، وهو بمخطط قديما كون مخططاتها نحو بلوغ هذه الغاية، ليس وليدة اللحظة.
وبحكم الواقع القائم، هذا لا يحتاج دفن الرؤوس في الرمال، خاصة وان مخططات الجينق في الهيمنة والاستبداد، تضع هذه القوميات أمام امر واقع لا يمكن تجنبها إلا بالمقاومة خاصة مع استمرار تردي الأوضاع داخل البلاد، وضبابية المستقبل المتزايدة، إذ لم يترك لنا هذه الوضعية التي الت إليها البلاد بفعل ممارسات النظام الفاسد وحزبها العنصري القبلي، خيارا اخر بخلاف عن خيار المقاومة أولا واخرا صونا بالاستقلال التي باتت في ظل النظام القائم، مرادفا لاستغلال، والاستبداد، والطغيان إلى هلمجرا من اعمال المجسد لإرادة الاستبداد لذلك، من الثابت كان ان تقابل تلك الإرادة بإرادة أخرى في المقاومة التي لا تلين امام إغراءات النظام الفاسد المستبد نزُف بها وحزبها المتهالكة إلى مذبلة التاريخ كون ثنائهما، يشتركان في السلطة، وفي مسؤولية المأساة الذي يعاني منها المواطنين على طول البلاد وعرضها على يد حكومة فاقد لشرعية.
لا شك في ان << كانسل المجنقجنقين >> هذا، قد وضع البلاد في حالة من الانقسام الشديد المهدد لكيانها لكونها المسئول الاول والآخير على ما الت إليه البلاد اليوم من واقع اللا تعايشي السائد بين قومياته المختلف. وقد كان من الطبيعي ان تحدث مثل هذه الانقسامات مادام ليس هنالك علاقة بين النور والظلام تلك التي تجسدها من دون المنازعة << الجينق كانسل >> ،وحزبه الحركة الشعبوية، ليس بالطبع من باب الصدفة طالما توجيهات الاخير على مرة تاريخ النضال، تخدم ابناء المنتمين لها في خطوة تعظم معها الحاجة في تنظيم مزيدا من اعمال المقاومة الهادف لخلاص الوطن من الدمار والضياع.. التي ألحقت بها الحركة الشعبوية خاصة في ظل المشهد السياسي الماثلة اليوم والتي لم يترك لنا مجالا اخر بخلاف عن الولوج موحدين إلى ثورة التحرير والبناء والتقدم..،الاستحقاق التاريخي الذي لا يزال ينتظرها منا بلادنا.
فقوى الهامش الجديد الرافضة << لجنقنه >> الدولة واستبدادها المتعفنة، خياراته أمام الواقع المتأزم هذا، تكمن في وحدته ومواصلة النضال من منطلق الحق والإنسانية، الدافع القومي لتفجير ثورة الكرامة والبناء والتقدم… هذا العمل الكبير الغائب اليوم تعد بمثابة اتجاه المستقبل الذي ينبغي ان تشد الحادبين على سلامة الوطن واستقلاله وسلامته.. في تفجيره، ثورة الخلاص الوطني لنُخلص بها البلاد من استبداد نظام الحركة الشعبوية الذي اوصل بالمستبد القبلي سلفاكير ميارديت، إلى قمة اللا العطاء بغير التمادي في اضرار شعب جنوب السودان على حساب قبيلته.
إن نظاما بهذا قدر من عدم المسئولية إلا في تدمير البلاد وتشريد شعبه، وتجويعه.. لا نتوانى في القول ان زفه إلى مذبلة التاريخ، تُعد استحقاق قومي عظيم ينبغي ان يشدنا لمقاومته بلا هوادة بغية خلاص البلاد من نظام الحركة الشعبوية المستبد، وجيشها القبلي، الهدف القومي الكبير التي تفرض على قوى التغيير والبناء والتقدم التوحد لمنازلة هذا الغول المهوس والمتوحش قاتل هذا الشعب وسارق قوته اليومي << الحركة الشعبوية لتحرير المجنقجنقين >> ليس بالطبع كل الجينق.
ننتظر لنرى ماذا يخبئه لنا الأيام وظلاميوا الحركة الشعبوية قد حي البلاد لما هو اعظم نأمل ان تكون بداية لنهاية مأساة عهد الحركة الشعبوية واستبدادها القبلي، وقفزة تقدمية نحو تحقيق تطلعات الشعب في البناء والازدهار في وطن العزة والكرامة.