د.جمعة كندة
بدأت ثورة السلطان عجبنا منذ عام 1914م واستمرت حتي فبراير 1918م، كما تشير احدي الوثائق الهامه والمعروفة باسم “عمليات سميث في جبال الاما بجبال النوبه”، او العملية التأديبية رقم 32 بجبال الاما بقيادة الاميرلاي كي سميث. وتشير الوثيقة الى ان قبائل نوبة الاما لم تخضع للسلطة الحكومية منذ استرجاع السودان في 1899م حتى فبراير 1918م. في البداية استهونت الحكومة البريطانية بقدرات السلطان عجبنا، واعتبرته مجرد شخص فوضوى ومسبب ازعاج عام للسلطة في المركز. عليه بدأت التعامل معه بصورة استخفافية قبل ان تكتشف انه قائد منظم يقود شعباً ذات معنويات وقدرات قتالية عالية، بالرغم من بساطة الاسلحة مثل المرمطون وابو جقرة التى استخدمها قواته في مواجهة المدافع والاسلحة الرشاشه. في البداية لم تشكل قوه خاصة لمواجهة السلطان عجبنا، بل تم توجيه قوه متجه الي دارفور بغرض القضاء علي السلطان علي دينار لتمر وبصورة عابره وسريعه عبر الدلنج لوضع حد لعبس المشاغب عجبنا، وأن تبين له بالعمل سلطة وقوه الدولة التي يجب ان يخضع لها هو ومن معه. في نهاية الامر وجدت الحكومة البريطانية نفسها في معركة شرسه وطويلة ذات تكلفة عالية في الارواح والمال والعتاد، حيث استمرت المعارك حوالي عامين قبل ان يتم حسم ثورة عجبنا كواحدة من اطول واكبر الثورات التى واجهتها الجيش الاستعمارى طيلة فترة وجودها في السودان. بدات الحملة التأديبية في 16 ديسمبر 1916م، وفي بداية الاشتباك فقدت القوات الحكومية اثنين من كبار قاداتها الميدانيين وهما البمباشي هوتون Hutton والبمباشي ويلي Willie ، بينما جرح ضابط اخر ومعه اربعه جنود وذلك في منطقة النتل، وكان ذلك في 3 ابريل 1917م. وفي هذه المعركة قتل 26 من قوات السلطان عجبنا وجرح اكثر من 30 مقاتلاً. وفي يوم 17 مايو بادر السلطان عجبنا بمهاجمة قوات الحكومة جنوب منطقة التندية حيث قتل عشرة من قواته وجرح اكثر من عشرين بينما قتل في المعركة ضابط و2 من جنود الحكومة. بعد ذلك استمرت المعارك بصورة متقطعة لطبيعة الجبلية الوعره، والتي اعتمد عليها السلطان عجبنا في بناء تكتيكاته واستراتيجياته العسكرية هجوماً ودفاعاً. وفي 10/6/1917م كانت معركة كليرا حيث استشهد فيها 8 من مقاتلي عجبنا، وتم حرق وتدمير اربع قرى بالكامل ومصادرة البهائم والمحاصيل، بينما قتل جندي واحد وجرح اثنين من جانب قوات الحكومة. وفي 19/6/1917م استشهد احد ابطال السودان هو كجور حماد قيدوم في معركة تندية. ولقد وصفته الوثيقة “بأنه قائد شرس في العمليات الهجومية، ومن اقوي زعماء الاما بعد السلطان عجبنا الذي كان ينظر اليه علي اعتباره من مقاتليه الاساسيين. ““He was a notorious leader of raids and the most powerful Nyima Chief after Agabna, who looked upon him as his chief fighting lieutenant”. وفي 19/6/1917م كان معركة سلارا وماجاورها من قرى، وفي هذه المعركة اضطرت قوات الحكومة من الانسحاب بعد ما نفذت ذخيرتها مع استمرار تدافع مقاتلي عجبنا من كل الجبهات، وكانت تصويباتهم في غاية الدقة: “whose shooting was very accurate” .وبعد هذة العملية وبداية موسم الخريف اصبحث الظروف الطبيعية في صالح قوات عجبنا حيث توفرت المياة في كل مكان وصعوبة تحرك الأليات فى الوحل والخيران المليئة بالمياه. عليه اضطرت قوات الحكومة الي وقف عملياتها مع عمل الاستعدادات الازمة لشن عمليات جديدة بعد الخريف مباشرة. وكانت هذه بمثابة نهاية العمليات الاولي، والتي فقدت فيها قوات الحكومة ضابطاً بريطانياً واخر مصري، و7 من الرتب الاخري، بجانب 18 مجروح احدهم بريطاني. وبعد تحليل دقيق لجغرافية المنطقة، نصح الخبراء القيادة العسكرية بالابتعاد عن المواجهات المباشرة مع قوات عجبنا. وعلي قوات الحكومة ان تعمل علي تشديد الحصار، وقفل المنافذ من والي مصادر المياه، وحرق القرى وقتل البهائم حول القرى، مما يجعل السلطان عجبنا وقواته امام خيارين لا ثالث: اما الموت جوعاً او عطشاً او الاثنين معاناً، او الاستسلام دون قتال. ولتنفيذ هذه الخطه، قامت قوات الحكومة بالانتشار حول الجبال واقامت زرائب من الاشجار الشوكية حول الجبال المأهولة بالسكان، وفي ذات الوقت تم توجيه ضربات بالمدفعية على مواقع العدو فوق الجبال حيث يحتمون في داخل الكراكين. وفي المقابل عمل السلطان عجبنا اثناء فترة الخريف على وضع خطة مناهضة لحظة الحكومة، فعمل طيلة فترة الخريف على تخزين المحاصيل وكميات كبيرة من البطيخ كبديل للمياه عند نضوبها في فترة الصيف. على العموم، يعكس اعداد وعتاد قوة الحكومة المشاركة في العملية الرئيسية، حجم المعارك وتتكون القوة من الاتي: 36 ضابط بريطاني، و118 ضابط مصري، و3059 جندي برتب مختلفة، وعدد298 حصان، و548 بغل، و1319 جمل، و249 ثور، و737 حمار، و8 عربة كروسلي، و8 عربه لورى فورد. كل هذه الحيوانات والعربات محملة بالمؤن والعتاد الحربى، بجانب 4 عربة كبيرة مجهزه كاسعاف متحرك.
تعليق واحد
علي ابناء الهامش البحث عن تاريخهم الحقيقي بدل التركيز علي التاريخ المزور والذي لا يشمل التوثيق الدقيق لتاريخ السودان
والتحية للسلطان عجبنا