تقديم : زينب كباشى عيسى
كثير من الثورات فى العالم تحدث يوميا وبأشكال متعددة, والذى يفشل منها ينتسى تماما وقد يسمى (محاولة) وقد لا يطلق عليه اسما أبدا – أما الذى ينجح منها فيكتب فى التأريخ ويطلق عليه اسم ثورة,
ولكل منهما عوامل ساعدت اما فى اجهاضها أو فى انجاحها, ولكل ثورة أيضا تأثر بالبيئة المحيطة والمناخ السياسى المفروض فتتأثر بذلك, كما ان طبيعة النظام القائم أيضا قد تسهم بشكل كبير فى سلمية الثورية أو فى دمويتها وعنفها , التزاما وتأثرا بطبيعة نظام الحكم القائم.
يمكن الان أن نقول ان الثورة انطلقت فعلا فى السودان, ويمكن التأكيد على ان كل أسباب قيام الثورات أكتملت الان هناك, وان فساد الانقاذ وتدميرها للوطن لم يعد أمرا يحتاج الى بحث أو تنقيب, ومالم تقم الثورة وتطيح بنظام الجبهة الاسلامية سيتناثر الوطن مثل الزجاج المحطم, كما ان كل عوامل نجاح الثورة متوافرة من ارادة وعزيمة.
الصعوبات والحلول ,, فسأتحدث عن بعض النقاط المهمة تلمسا لبعض الصعوبات أو نقاط الضعف حتى نتمكن معا من معالجتها
· ان المقاومة السلمية هى الأفضل دائما للوصول لثورة جماهيرية حقيقية, نابعة من ذات الشعب, والشعب يعتبر أقوى عامل للفعل الثورى, ولكن ذلك يرتبط دائما بمستوى الوعى الديمقراطى لدى الشعب والحكومة على حد سواء – لذلك فى حالة السودان قد يعتبر ترك شعب لم يصل الى الوعى التداولى والديمقراطى المطلوب فى ظل حكومة تعتبر من أقسى انواع الديكتاتوريات فى العالم حيث تمثل نظام الابادة والكراهية والتمييز العنصرى ورمى شعب أعزل بين يدى جبروت الانقاذ الدموية قد يعتبر خطأ لن تنساه القوى المعارضه
· محاولة سرقة أو تبنى الثورة من قبل بعض القوى, والعجلة فى التسويق للمواقف الحزبية سيؤدى الى اجهاض الثورة لا محالة, كما ان عدم ميول البعض لتجاوز الاطر الفكرية الايدولوجية والفكر الأحزابى رغم أهمية ذلك البالغة للوصول لأجماع حقيقى قد يشكل عائقا كبيرا ضد وحدة الموقف للمعارضة السودانية.
· نلاحظ ان بعض الاحزاب بالداخل تميل ولو سرا الى وضع حجج واهية تبرر عبرها ضرورة عزل الوجود الاعلامى للجبهة الثورية والحركات المسلحة والقوى الاقليمية رغم أيمانهم بأهمية دورهم مجتمعين, الا ان ذلك ينتقص من شمول الانتفاضة السودانية ويعكس وجود شرخ مفصلى بين القوتين, ويدعم سياسات النظام فى الفصل العرقى بين مكونات السودان وحتى قواه المعارضة.
ان الافكار والمحاسبة على المواقف والتخطيط كل ذلك لا يصلح فى هذا الجو الا بعد اسقاط النظام لذا أن أى نقد أو خطط أو جدل يفضى الى ذلك انما يعتبر مجرد تضييع للزمن, حيث علي الجميع الالتفاف و الاتفاق على مبادئ وخطوط عريضة لما بعد النظام – ثم التفرغ لهدف واحد هو اسقاط هذا النظام النخبوى العنصري.
تقطع النشاط الثورى تأتى من وحى هنات ودكتاتورية مفسدى الانقاذ , تكاد تصبغ الثورة بالهزال رغم انه كان يمكن يطلق عليها أسماء مثل الكرامة والحرية والديمقراطية والمجازر ومحاربة الفساد والحقوق ألخ, وكذلك الاعتماد على يوم واحد فى الاسبوع, والاتكالية على الاخر, كل ذلك يؤثر سلبا على الانتفاضة, كما ان مناضلى الميدان هم الموجه الأساسى للثورة والمبادر الفعلى لاختيار الاسماء وهؤلاء لدى بعضهم أراء سلبية عن قيادات الاحزاب, وذاكرتهم تختزن بعض المواقف المخذلة وربما المجهضة للانتفاضات والمظاهرات – وذلك قد يشكل عازلا في الحراك الميدانى للشباب والذى يتمثل مجمله فى شباب الهامش من مؤيدى الجبهة الثورية والطلاب وشباب التغيير واخرين, وهؤلاء فى غالبهم لا يلتزمون بموجهات الاحزاب التقليديه.
· رغم ان الشباب يملأون الشوارع بشجاعة منقطعة النظير, الا ان عدم أحساس الثوار بالامن والحماية الناجم عن التغييب الاعلامى لدور بعض القوى المؤثرة بحجج واهية, وكذل ضعف التمويل وقلة الكادر المدرب للتوثيق الاعلامى للحراك الثورى ألخ, ربما يشكل كل ذلك أيضا قوة سلبية تحول دون خروج البعض منهم
لذلك يمكن أن نجمل الحلول فى بعض النقاط
· أولا – يجب أن تكون هنالك وثيقة اعلان قومى يجمع, وتشمل الأسس والمبادئ والمقاييس التى يجب أن يبنى عليها الدولة السودانية بعد الحفر تحت جزور النظام القائم والنخبة وليس فقط حكومة الانقاذ – و تعيد البلاد الى شكلها الحقيقى القائم على التنوع وفق معايير العدالة, كما يجب ان تتجاوز الوثيقة الحدود السياسية الى تقديم عدد من الاطروحات فيما يتعلق بالمعالجات فى الجوانب الاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية ,وذلك عبر اجتماع كل قوى المعارضة السودانية (الحقيقيه) واقرار وثيقة مشتركة, حتى لا نؤكد مزاعم الانقاذ بالفصل العنصرى بين المكونين, ثم يصدر بيان مشترك يدعم ثورة الشباب ولا يدعى صناعتها ويحوى نقاط عريضة لما بعد اسقاط النظام تشمل –
1- فترة انتقالية لا تقل عن 6 أعوام ولا تزيد عن 100, وهى الفترة ما بين انشاء حكومة ائتلافية شاملة التمثيل بعد اسقاط هذا النظام وبين الحكومة التى تأتى بانتخابات وتقوم على مؤسسات منشأة بموجب دستور شامل المشاركة – يجب أن لا تقل عن 6 أعوام حتى يعطى الجميع فترة كافية للأعداد لمرحلة الانتخابات.
22- محاربة التعريب القسرى للدولة و أن يلغى مبدأيا موضوع الصفة الرسمية واللغة الرسمية للدولة فحتى الولايات المتحدة ليس فى دستورها ما يشير الى وجود لغة رسمية أو جنس رسمى للبلاد, وليس هنالك ما يلزمنا أن نحدد هل نحن عرب أم أفارقة علينا فقط أن نقول نحن سودانيون – يجب الاعتماد فقط على الهوية السودانية المميزة مع الاعتراف بالهوية الافريقية والعربية والقوميات الداخلية وثقافاتها وحقوقها.
33- اعادة بناء الدولة على أسس الديمقراطية والتعدد والفصل بين السلطات والتساوى والعدالة وحسن الجوار واقامة المصالحات الاجتماعية للمكونات الاجتماعية السودانية, وادراج الملكية العرفية للأراضى ضمن قانون الاراضى, تغيير المنهج التعليمى من أساسه واعادة كتابة التاريخ السودانى.
44- اقرار استخدام اللغات المحلية فى مراحل الأساس والبرلمانات الاقاليمية لضمان حق الأقاليم والقوميات فى حقها فى التعليم وحقها فى الالمام بالقوانين التى تمررها المجالس المحلية,
55- العودة الى نظام الاقاليم الادارية القديمة, وحق الأقاليم فى ادارة نفسها فيدراليا والتمتع بثرواتها والمشاركة السياسية فى المستوى المركزى من خلال مجلس السيادة القومى.
66- اقرار مبدأ المحاسبة, وتقديم المتهمين فى جرائم الابادة للمحكمة الجنائية واعادة الحقوق والتعويضات.
77- أن يعبر التغيير على الاستقلال الحقيقى للسودان, وذلك باقرار علم جديد ونشيد وطنى جديد بما يؤكد التعدد والتنوع والهوية الأصلية للبلاد والاقرار الدستورى للحقوق الثقافية والاجتماعية لجميع القوميات والاقليات.
8- عقد المؤتمر الدستورى, والمؤتمر الاقتصادى, ومؤتمر المصالحات الاجتماعية.
99- اعادة هيكلة القوات المسلحة والسلطة القضائية وحل الأجهزة الأمنية واعادة ترتيب الشرطة بما يضع مهامها فى السلك الذى يحدده القانون, وتغيير قانون الخدمة المدنية بما يمنع المحسوبية والمحاباة والانحياز والغاء سؤال القبيلة للتعيين.
100- اعادة الاحصاء السكانى العام وبالتالى اعادة السجل الانتخابى العام وعدم الاعتماد بالمطلق على أى بيانات أو معلومات تم الاعتماد عليها فى انتخابات الانقاذ الاخيرة.
· ثانيا – يجب على الجبهة الثورية وقوى التحالف ان تسهم فعلا على أرض الميدان حتى لا يتم سرقة الثورة من قبل الانقاذ أو اعادة استلام الجبهة الاسلامية للسلطة فى السودان تحت أسماء أخرى خصوصا وان شباب الثورة ليس لهم عقلا جمعيا وقد يتم عزلهم فى النهاية كما عزل شباب الثورة المصرية.
· توحيد الخطاب الاعلامى والتوجه السياسى فى هذه المرحلة مطلوب من مطلوبات الثورة
· التدخل وحماية الثورة فى حال القمع الوحشى لنظام الجبهة الاسلامية يعتبر ضرورة قصوى
· يجب ان يتم ايقاف محاولات تبنى الثورة من قبل القوى السياسية أو محاولات كل طرف لعزل الاخر لأن ذلك لا يخدم الثورة فى شيئ.
· يجب أن يكون هنالك مجلس انتقالى موحد يجمع ما بين الجبهه الثوريه وقوى الاحزاب ولا يجب أن يعزل منه أحد لضمان شمول التمثيل.
· ضرورة نقل الحراك الثورى للولايات والاطراف فالنظام منهار ولا يستطيع مواجهة عدة جبهات, سيما مع استمرار المعارك فى البؤر المشتعلة فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق – وشرق السودان الذى يتقلب على صفيح ساخن.
· ايجاد سبل لتمويل وتدريب وتأهيل الشباب حتى يتمكنو من حماية انفسهم واكمال ثورتهم بأقل خسائر ممكنة.
· زيادة الضغط على النظام فى الجبهات العسكرية الاخرى, لأن اسكات هذه الجبهات سيجعل النظام يتفرغ للقمع ويسخر كل امكاناته لقمع الحراك الثورى.
والتحية لثوار السودان وشهدائه فى كل مكان