حسين بشير هرون
نورا يغتصبها زوجها وهي مكبلة بأيادي أبناء عمومته، منهل يسوقها زوجها قسرا إلى فراش الزوجية بينما تشعر بإجهاد شديد ،وندي يجبرها شريك حياتها على “ممارسة الحب” بينما هما غاضبان، أما وداد فلا يحق لها رفض العلاقة الجنسية أو الامتناع عنها لأي سبب كما تظن هي وزوجها ،بينما اعتاد زوج مريم معاشرتها جنسيا أثناء نومها منذ تزوجا من أعوام طويلة.
وإن لم يكن الأسماء والأحداث من الحقيقة فإن حدوثها حتمية في كل بيت سوداني وكل علاقة زوجية إلا ما ندر”زوجين واعيين بحقوق بعضهم البعض”
يختلط مفهوم الحقوق الزوجية على الكثير من الزوجات بحيث تفقدن القدرة على التمييز بين واجباتهن المفترضة تجاه أزواجهن وحقوقهن الإنسانية وهو ما حدث للفتاة المحكومة عليها بالاعدام شنقا حتي الموت”نورا” ومع كل النساء السابق ذكرهن ويحدث يوميا في البيوت السودانية ولا يُنظر إليه بوصفه جريمة قانونيا أو اجتماعيا.
ضحية مجمتمع ذكوري وزوج جاهل واسرة جشعه وقضاء جائر بدأت قصة نورا قبل أن تبلغ السابعة عشر من عمرها عندما تقدم لها رجل لخطبتها وهي لا تعي ما هي الزواج وما هو الزوج والزوجة رفضته بينما أصر الأسرتين على تزويجها و عقد قرانها ،تمت الزواج الغائبة عنها أهم الأركان علي وهي” التراضي”.
زوجوها وهي لم تكمل لعبها مع صديقاتها ولكنها استسلمت لقرار أسرتها ومرت الثلاثة سنوات وهي تكبر رويدا رويدا عقلاً وحجماً حتى بلغت التاسعة عشر من عمرها ازدادت وعيا و لا زالت رافضة له و لكن العريس أصر على إتمام الزواج على الرغم من معرفته رفضها له و بعد زواجها لم تقبل معاشرته فما كان منه سوى إجبارها على فض بكارتها و اغتصابها بمساعدة أقاربه لم تستحمل نورا ما حدثت لها فسدّدت له طعنات بالسكين على ظهره في اليوم التالي عندما حاول معاشرتها فمات المعتدى و عادت المعتدية عليها إلى أهلها و أخبرتهم بقتلها لزوجها أخذها والدها و سلمها للشرطة و لم تزرها عائلتها مرة أخرى و رحلوا من المنطقة التي يسكنون فيها خوفاً من الثأر و اثبت تقرير الطب النفسي و الشرعي تعرض نورا لعنف جسدي و نفسي شديد.
رغم أن نورا لم يقتلها بسابق إصرار الا أنها حكمت عليها بالاعدام من قضاء تناسي حق الدفاع عن النفس في القانون الجنائي للعام 1991م المادة “12”والتي تقرأ كالاتي:
– لايعد الفعل جريمه اذا وقع عند استعمال حق الدفاع الشرعي استعمالا مشروعا
– ينشأ حق الدفاع الشرعي اذا واجه الشخص خطر اعتداء حال او وشيك الوقوع علي نفسه او ماله او عرضه او نفس الغير او ماله او عرضه وكان من المتعذر عليه اتقاء الخطر باللجوء الي السلطات العامه او باي طريقه اخري فيجوز له ان يدفع الخطر بقدر مايلزم لرده وبالوسيلة المناسبة.
– لاينشأ حق الدفاع الشرعي في مواجهة الموظف العام اذا كان يعمل في حدود سلطة وظيفته الا اذا خيف تسبيب الموت او الاذي الجسيم .
– لايبلغ حق الدفاع الشرعي تعمد تسبيب الموت الا اذا كان الخطر المراد دفعه يخشي منه احداث الموت او الاذي الجسيم او الاغتصاب او الاستدراج او الخطف او الحرابة او النهب او الاتلاف الجنائي لمال او مرفق عام او بالاتلاف الجنائي بالاغراق او باشعال النار او باستخدام المواد الحارقة او الناسفة او السامة.
ومن استعراضنا لنص المادة “12” من القانون الجنائي لعام 1991م اعلاه نوضح ماهو حق الدفاع الشرعي وكيف يكون استعماله مشروعا؟
– ان لحق الدفاع الشرعي شرطي نشوء وبعد نشوء الحق ووجوده فأن استعماله في الحدود القانونية له ايضا شرطا استعمال.
– فشرطا النشوء هما : اولا وجود عدوان يشكل خطرا حقيقيا حال او على وشك الوقوع”وكان اغتصاب الفتاة يشكل خطرا حقيقيا”وعلى وشك الوقوع للمرة الثانية”
– وثانيهما لزوم قوة لرد العدوان ويدخل في وجود الشرط الثاني عدة عوامل من اهمها عدم وجود وقت كاف يسمح للمعتدي عليه باللجوء الي حماية السلطه المختصه العامه. عليه متي ما توفر هذان الشرطان هنا ينشأ حق الدفاع الشرعي الشيء الذي يحق به للمعتدي عليه استعمال قوة لرد العدوان”وهنا المغتصبة لم تكن لديها الوقت الكافي للجوء إلى القانون وإذا لجأت هل تُنصف من قضاء حكم عليها بالإعدام رغم الظلم التي وقعت عليها من اهلها وزوجها?!”
اجبروها على الزواج من ثم اجبروها على ممارسة الجنس من ثم حكموا عليها بالإعدام !!!! ي له من مجتمع ظالم ?!! وقضاء ظالم وأسرة ظالمة”نورا ضحية أفكار رجعية بربرية” نورا ضحية مجتمع فاقدة للقيم الإنسانية التي تحفظ للمرأة حقوقها”.
وهل نورا هي الضحية الوحيدة للاغتصاب الزوجي بالسودان?!!!
لم تكن الوحيدة ولا الأولى!!!! بل الكثيرات منهن تعرضن للاغتصاب الزوجي رغم أن قضية نورا تختلف قليلا من قضية الاخريات لأنهن تزوجن بارادتهن ونورا زوجوها دون إرادتها ولكن ذلك لا يمحي عنها صبغة الزوجة لأن الزواج في مجتمعنا هو ما تم بعقد شفوي وكتابي على يد سلطة دينية أو سلطة مدنية أو مجتمعية.
يعّرف الاغتصاب الزوجي بأنه إجبار الزوج للزوجة على ممارسة الجنس معه أو ممارسات جنسية محددة دون رغبتها أو موافقتها أو بما يتعارض مع إرادتها الحرة بسبب التهديد أو الخوف أوالاحتجاز.
على الزوجة الاستجابة لزوجها عند طلبها إلى الفراش ولا يجوز لها التأخر عن أداء هذا الحكم العسكري بل عليها التنفيذ الفوري دونَ أي حوار مسبق بينهما فهيَ وجِدَت من أجل إرضاء ملذاته ورغباته وعليها الإطاعة دونَ أي ممانعة . . ! لكن ما الذي يحدث عندما تلبّي الزوجة هذه الأوامر المفروضة عليها مصحوبة بمشاعر الكراهيّة والخوف اتجاه شريكها دونَ أيّ إحساس بالشعور باللذة ؟؟ !!
بالطبع
يحدث “الإغتصاب الزوجي” وهذا ما تم فعلها مع نورا منذ البداية ولكنها تتم في كل بيت سوداني . . ! كيف لذلك أن يتمّ ؟ ولماذا يحدث ؟ وما هو هذا النوع من الإغتصاب ؟ ولماذا لا يتمّ الحديث عنه ؟
ويتخذ اغتصاب الزوجات عدة أشكال وفقا لما سبق وأهمها:
– استخدام القوة البدنية: للإجبار على ممارسة الجنس سواء بالضرب أو الزج أو الدفع إلى الفراش أو التقييد أو غيرها من أشكال العنف البدني.
– ممارسة الجنس تحت التهديد: بالإيذاء الشخصي أو إلحاق الأذى بالأبناء أو أشخاص مقربين أو الحرمان منهم. في بعض الأحيان يكون التهديد بالطلاق أو الامتناع عن توفير الموارد المادية والاقتصادية الأساسية.
– ممارسة العنف النفسي: لإجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية دون رغبتها. يندرج تحت هذه المظلة السب والقذف واستخدام الدعاوى الدينية والاجتماعية لإقناع الزوجة بأنها لن تكون “زوجة صالحة” إذا امتنعت عن ممارسة الجنس لأي سبب كان.
– الجماع في غياب الوعي: بسبب الإعياء أو المرض أو التخدير أو الإغماء أو في أثناء النوم بحيث لا تتمكن الزوجة من الموافقة أو الرفض.
– الحرمان من الحرية مقابل الجنس: حيث تُمنع الزوجة من الخروج من المنزل أو الذهاب إلى العمل أو زيارة الأهل أو التحدث لأي شخص إن امتنعت عن ممارسة الجنس فتتحول بمرور الوقت إلى رهينة تفقد السيطرة على مقدراتها وتخضع دون إرادتها.
لماذا يغتصب الرجل زوجته ؟
هنالك عوامل متعددة تدفع الرجل لإغتصاب زوجته ونلخّص أبرزها في الآتي:
فمن جهة إولى: لأننا نعيش في ظل مجتمع أبوي وهيمنة ذكورية حيثُ للرجل حقّ السيطرة بطريقة مطلقة على المرأة من أجل إرضاء احتياجاته الجنسية وله الحق في استعمال السلطة لفرض ما يريد
ومن جهة ثانية: الإختلاف في التربية لكل من الرجل والمرأة فالرجل ينشأ على ممارسة العنف بينما المرأة تتربّى على إطاعة زوجها والرضوخ له والإنصياع لأوامره ومنذُ الصغر يحضّر الأهالي أطفالهم على هذه الأدوار التقليدية ” .
ومن جهة ثالثة: نجد نظرة المجتمع فهو لا يعترف إلا بالحاجات الجنسية للرجل بينما المرأة ليس لديها ولو حق التعبير عن احتياجاتها
ومن ناحية رابعة: انعدام التوعية وعدم وجود حرية جنسية مما يؤدي إلى كبت وهذا بدوره يؤدي إلى العنف في العلاقة الجنسية
خامساً: الزواج بالإكراه “الإجباري” وقضية نورا مثال حي”
سادساً: الإضطرابات النفسية للزوج الناشئة عن تعاطي الكحول والمخدرات إضافة إلى عدم وجود وعي كافٍ لدى كل من الشريكين للحديث والمصارحة عن احتياجاتهم الجنسية ” .
صعوبات كثيرة وتأثيرات كبيرة
لكن لماذا لا يتم الحديث في هذا الموضوع ؟هناك صعوبة لدى المرأة لمعرفة أنها تتعرّض للإغتصاب الجنسي وليس لديها القدرة في الحديث عنه أو تمييزه خصوصاً أنّ ذلك يحدث داخل إطار مؤسسة الزواج ونتيجة عدم وجود معرفة بحقوقها وذلك لعدم وجود حوار يتعلق بالمسائل الجنسية وغياب جمعيات تقوم بالتوعية على هذا الأمر ومن أسباب صعوبة الحديث بالموضوع أيضاً هو الخجل والخوف من التفكك العائلي “الطلاق” وعدم وجود دعم عائلي للزوجة وعدم استقلاليتها مادياً ” .
اختي المتزوجة إذا كنتِ تتعرضين لواحد من الأشكال السابقة للاغتصاب الزوجي فربما يكون من المفيد أن تعلمي أن:
– القانون السوداني لا يُجرم الاغتصاب في إطار الزواج: ولكنه يظل جريمة إنسانية بحقك وينبغي عليكِ رفضه ومقاومته بكل ما أوتيتِ من قوة. إذا تعرضت لإصابات جسدية يمكنك اللجوء فورا للفحص الطبي وإصدار تقرير طبي بها للاستعانة به إذا قررتِ الحصول على الطلاق أو اللجوء للخلع للأذى.
– من حقك كإنسانة رفض الجماع في أي وقت شئت: فأنتِ لستِ أي أداة للمتعة وتتمتعين بكافة الحقوق الإنسانية التي يتمتع بها شريك حياتك.
– رفضك ممارسة الجنس أحيانا لا يجعلك زوجة غير صالحة: لكن إجبار زوجك لكِ على معاشرته جنسيا يجعل منه مجرم يستحق العقاب.
– الاغتصاب الزوجي قد يلحق به الأذى: بدنيا ونفسيا تماما مثل الاغتصاب من الغرباء فالفعل والجريمة لا يختلفان تحت مظلة الزواج.
خضوعك للاغتصاب الزوجي دون مقاومة سوف يقلل من احترامك وتقديرك لذاتك واقتناعك بحقوقك الإنسانية وقدرتك على الدفاع عنها والعطاء لغيرك .
انقذوا نورا انها مقتولة وليست قاتلة
تعليق واحد
كلام فارغ ـ للرجل ان يستمتع بزوجته كيفما شاء ووقت ماشاء لا يوجد شي اسمه اغتصاب زوجي