بقلم/ عبدالرازق إيتو
مر بلادنا منذ خروج المستعمر الأجنبي، وتولي المستعمر الداخلي لمقاليد السلطة في الدولة، مر بمنعطفات مختلفة، مما دفع الشعب الأبي لإختيار الإنتفاضة بمختلف أنواعها تعبيرا للرفض القاطع بنظام الحكم القائم.
فتعددت خيارات الإنتفاضة فمنها التظاهرات الشعبية ( أكتوبر المجيد والثورة التي أتاحت بالدكتاتور جعفر النميري 1985م) ومنها الإنتفاضة العسكرية وحديثة ما يسمى بالعصيان المدني، هذه الثورات غيرت رموز الإنظمة الحاكمة في الخرطوم، إلا الثانية والثالثة والتي هي الان في حالة الغليان ولكن سرعان ما يستعرض الآلية العسكرية قوتها الجبارة أمام الشعب العظيم المنتفض، وبالتالي تبتعد السلطة العسكرية من المواجهة لجماهير الشعب الأبي ميدانياً، وتظهر في السطح حالة الأنتهازية لبعض قيادات الجيش، وبالتالي تستخدم(يغتصب) السلطة العسكرية إلى الوصول للسلطة ليلا. أنظمة القتل والتشريد وسياسة إقصاء المختلف (ثقافية ،جغرافية، سياسية و دينية…..الخ) وفرض فرضية الصفوة وعامة الشعب(الهامش والمركز) بين أبناء الشعب الواحد لا يزال مستمرة رغم الثورات والإنتفاضات التي أتاحت بأنظمة الحكم، وما يعيب تلك الجهود الجبارة هي إفتفارها لنظام حكم ينتقد الماضي التقليدي الرجعي ويستصحب معها التطورات العصرية الحديثة في كيفية إدارة الشعب سياسية وإجتماعية وغيرها مع الأخذ في الحسبان التنوع ( الفكري، الإثني، الديني والعرقي…..الخ)؛ بغية الوصول لمجتمع متعافي تسود فيه القيم الإنسانية النبيلة وتقود عملية التغيير مستقبلا لمواكبة العصر.
في الوقت الحالي وحالة الشعب وصل لأسوء من السوء، بناءاً للجرائم البشعة من قتل وإغتصاب وتهجير وغيرها من الإنتهاكات اللاإنسانية التي مُورست ضدهم بأيدي السلطة الحاكمة في البلاد. فكيف حال المنتفضين وحالة الإصطفاء لمواجهة تلك التحديات ومواجهة كل هذه الجرائم وكذلك السلطة الحاكمة. طالما النظام أيّد مبدأ المواجهة بالمثل فالخيار أمام الشعب والمنتفضين يبدو واضحة وغير قابلة لعملية التردد في الإختيار، الثورة الشعبية والتي تقود لإحداث تغيير شامل وكامل بموجبها سيتم إعادة أركان الدولة السودانية وبناء هياكله المختلفة، بذلك سينعم الجميع بحق المواطنة دون النظر في أنتماءاته البسيطة الضيقة بلا أدنى شك خيار ربما تلوح في الأفق والكل يتمناه اليوم قبل غد.
ولكن والحقيقة هي أن النظام جاء بالليل والناس نِيام فليس بمقدوره مواجهة الشعب نهاراً، بهذا فأنه يستنجد من المقربين منه وكذلك منفذي سياسة الإنقلاب المشؤم لتولي مجالس وهياكل نظامه، بغية حمايته من قوة وعظمة الشعب الأبي. فمن الأفضل لنا حمل آلية شبيه بآلية النظام وهو بكل تأكيد ستسحق وتشيع النظام وزمرته لمذابل التاريخ دون رجعا، فالبندقية تخاطب البلهاء والذي إنقلب على الشرعية لا يستطيع جلب الشرعية ويواجه كل من يدعو لها بقوة من حديد، لذلك خيار الإنتفاضة الشعبية المحمية بآلية عسكرية جادة هي السبيل والمخرج من أزمات الدولة السودانية والمنفذ الوحيد لإسقاط الجبروت الطاغي الذي ظل يردد مصطلح ( أمسح، أكسح، أحرق، ….) بحق مواطنين أبرياء ليس لهم ذنب سواء إختلافهم من أيدلوجية وثقاقة وجغرافية المركز، حينها يجب إستخدام آلية مطابق ومغاير لسياسة المركز(الصفوة) بغرض التصدي لسياسته العرجاء العمياء القاتلة المنافية لحقوق الإنسان. وبالتالي نسعى جاهدا وبكل قوانا الفكرية والعسكرية لبناء نظام وطني يستوعب مكوناتنا الإجتماعية المختلفة وأعتقاداتنا العظيمة وكذلك أفكارنا المتنوعة والتي بموجبها تحدث عملية التطور والتقدم والأعتزاز والفخر، وبذلك نكون بنينى دولتنا على أسس المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.