صوت الهامش
نشرت مجلة (أتلانتا بلاك ستار) تقريرا موجزا عن أعظم اثنتي عشرة امرأة أفريقية ساهمن بدور بارز في تاريخ البشرية، هن:
أحمس نفرتاري
الملكة أحمس نفرتاري (حوالي 1570-15300 قبل الميلاد) شاركت زوجها الملك أحمس في هزيمة وإخراج الهكسوس الغزاة والمحتلين المكروهين من أفريقيا؛ ولهذا اعتُبرت بطلة قومي وأحدى أهم الشخصيات في التاريخ الأفريقي؛ وشاركت نفرتاري في تأسيس الأسرة الـ 18 في كمت (مصر) والتي تعتبر أعظم أسرة ملكية على الإطلاق.
وُلدت نفرتاري في الأسرة الملكية وأصبحت إحدى أكثر السيدات اللاتي حظين بحب المصريين في كمت، وبعد وفاة زوجها أحمس تولت نفرتاري هي وابنها الملك أمنحتب الأول مقاليد الحكم.
وقد تمجدت نفرتاري وقدسها المصريون على مدى أكثر من 6000 عام من وفاتها، فكانت تقام تمجيدا لذكراها صلوات لا تتردد إلا لأعظم الآلهة في البلاد؛ وكانت نفرتاري تلقب بـ “زوجة الإله آمون”؛ جدير بالذكر أن الرسومات الباقية لـنفرتاري هي كلها باللون الأسود.
ديهيا الكاهنة
فيما يعرف الآن باسم الجزائر، وفي نهاية القرن السابع الميلادي، كان ثمة مقاومة نشطة في الشمال الأفريقي بقيادة ديهيا الكاهنة ضد العرب الغزاة؛ وفي حوالي سنة 690، قادت ديهيا بنفسها الجيوش الأفريقية وأجبرت الفيالق العربية على التقهقر وإعادة تجميع ما تفرق منهم وإعادة تقييم استراتيجيتهم وتكتيكاتهم لاجتياح شمال أفريقيا؛ وقد كان العرب عازمين على احتلال أفريقيا ومع تدهور الوضع العسكري للأفارقة لجأت الكاهنة إلى سياسية الأرض المحروقة مفضلة أن ترى دمار البلاد على أن تسلمها للغزاة؛ ومن أسفٍ أن آثار الدمار تلك لا تزال مرئية إلى اليوم في الشمال الأفريقي.
وقد فضلت ديهيا الكاهنة الموت على قبول الهزيمة على أيدي العرب؛ وبنهاية تلك السيدة الأفريقية الجريئة انتهت معها أعظم الجهود الملهمة في تاريخ الحفاظ على أفريقيا للأفارقة.
نزينجا
وتعرف أيضا باسم “أنا نزينجا”، شخصية عظيمة في أنجولا ما قبل الاستعمار؛ ويصفها المؤرخ جون هنريك كلارك بأنها “أعظم الاستراتجيين العسكريين الذين واجهوا القوات المسلحة البرتغالية”؛ ولدت نزينجا في أفريقيا الوسطى حوالي 1582 وقد لمع ذكاؤها مبكرا، ولم تكن حقيقة كونها امرأة عائقا لها في سبيل القيادة، ومع بلوغها منتصف عمرها أبدت رغبة جامحة في الوصول للسلطة والإمساك بمقاليد الحكم في أفريقيا الوسطى؛ وقد حالت حملاتها العسكرية بين البرتغاليين والتوغل في أفريقيا على مدى أكثر من أربعة عقود؛ وكانت القائدة نزينجا تهدف إلى الخلاص النهائي من الأسر والاستعباد البرتغالي للشعب الأفريقي.
وقد بعثت نزينجا سفراء إلى غرب ووسط أفريقيا لبناء ائتلاف قوي للأفارقة لإخراج البرتغاليين؛ وماتت نزينجا وهي تدافع عن شعبها عام 1663 وهي في الحادية والثمانين من عمرها.
مكاري حتشبسوت
بدأ عهد الملكة مكاري حتشبسوت (الذي امتد زهاء 20 عاما) حوالي سنة 15000 قبل الميلاد بينما كانت مصر الجميلة في أوجها؛ وتعتبر فترة حكم حتشبسوت بمثابة عصر ذهبي عبر التاريخ الطويل للشعب الأفريقي؛ حيث ساد السلام وعمّ الاستقرار الدخلي، كما كانت فترة تتميز بحضور أفريقي بارز على المسرح الدولي.
ومن أبرز إنجازات حتشبسوت: بعثتها التجارية إلى بلاد “بنط” الأفريقية والتي أطلق عليها المصريون اسم “أرض الذهب”؛ وكانت بلاد “بنط” في القرن الأفريقي، ربما الجزء المحيط بالصومال وإريتريا واليمن عبر البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية؛ وربما كانت الرحلة إلى “بنط” أعظم إنجازات ممالك مصر القديمة “كمت”.
وكانت “ايتي” ملكة على بلاد “بنط” مطلع القرن الخامس عشر قبل الميلاد؛ وقد تضمنت منتجات “بنط”: الأبنوس والبخور واللبان ونبات المرّ؛ وتشير الرسومات على جدران معبد الدير البحري لـحتشبسوت إلى الملكة “إيتي” كامرأة ثقيلة ضخمة إلى جوار زوجها ملك بنط.
ولقبت مكاري حتشبسوت بألقاب ملكية عديدة تضمنت: “ملك الشمال والجنوب” و”ابن الشمس” و “واهب السنين” و”فاتحة كل البلاد” و “سيدة الأرضين” و”رئيسة زوجات آمون” وغيرها من الألقاب…. لقد كانت مكاري حتشبسوت إحدى أقوى سيدات أفريقيا.
ماكيدا
إبان القرن العاشر قبل الميلاد، نسمع أخبار “ماكيدا” – المرأة الأسطورية الأفريقية التي امتلكت سمات الحاكم العظيم والتي يبدو أنها سادت على أجزاء واسعة من الأرض في شرق أفريقيا وجنوب غرب آسيا؛ وفي القرآن تعرف باسم بلقيس، وفي الملحمة الإثيوبية “كبرا نجست” تعرف هذه المرأة باسم “ماكيدا”، وفي الإنجيل والخيال الشعبي للعالم الغربي تعرف باسم “ملكة سبأ”.
تشير هذه النصوص إلى صورة ذهنية واضحة لبلاد مزدهرة تحتل فيها المرأة مكانة عالية، ولم تكن ماكيدا حالة فردية فيها، فإمّا بأعمالهن أو بنسبهن تمكنت تلك السيدات من تحقيق التميز والتفردّ.
تيي
الملكة “تيي”، كانت الزوجة المحبوبة للملك أمنحتب الثالث، وأم الملك أمنحتب الرابع “أخناتون” أحد أعظم الشخصيات في تاريخ البشرية، وجدة توت عنخ آمون أعظم ملك ظهر من العالم القديم.
“تيي” إحدى أهم الشخصيات في التاريخ، حتى في عالم الحب والرومانسية، وقد تزوجت من أمنحت الثالث وهما في ريعان الشباب وعاشا إحدى أعظم قصص الحب على مر العصور؛ ويُظهر التمثال الضخم للملك وزوجته في منطقة “هابو” بمدينة الأقصر في مصر- يُظهر درجة من الحب والاحترام ربما لا يوجد لها مثيل.
كانت الملكة “تيي” تحظى بمكانة ونفوذ عظيم يدل عليه مصاحبتها لزوجها في كافة المحافل المدوّنة؛ وكانت “تيي” هذا الجزء الذي لا يتجزأ من شئون أفريقيا التي في أكثر من مثال كانت تناشدها سياداتٌ خارجية بشكل مباشر في أمور ذات أهمية دولية.
وتُظهر الرسومات الباقية للملكة تيي، بملامح أفريقية واضحة؛ وهذه الرسومات كثيرة وموجودة الآن في متاحف بلندن ونيويورك وباريس وبروكسل وبرلين؛ في الحقيقة توجد للملكة “تيي” رسومات وتصاوير أكثر من أي امرأة أفريقية من العصور القديمة.
بربتوا & فيليسيتي
حدث في عام 1800 للميلاد، أن تم إعدام أول شهداء مسيحيين معروفين في أفريقيا؛ على أن أشهر حوادث الاستشهاد وقعت عام 203 للميلاد وتركزت حول شابتين أفريقيتين تمتلكان شجاعة نادرة: “بربتوا” و”فيليسيتي” اللتين كان استشهادهما ملهما في القرون الأولى حتى أن اسمهما كان يُتلى في الصلوات.
وكان في عام 2033 حيث قررت بربتوا أن تعتنق المسيحية رغم معرفتها ما قد ينطوي عليه ذلك القرار من حتفها، وقد حاول أبوها إثناءها لكن دون جدوى مع امرأة تبلغ الـ 22 من عمرها جيدة التعليم قوية الروح.
وتم إلقاء القبض على بربتوا برفقة أربعة آخرين بينهم “فيليسيتي” وهي أفريقية أيضا؛ وقد تم تعميد بربتوا قبل حبسها في سجن مزدحم لدرجة خانقة؛ وقد عانت فيليسيتي التي كانت حبلى في شهرها الثامن أيمّا معاناة من ازدحام وحرارة الحبس الخانقة.
وقد بدأ السجانون في إدراك قوة وعقيدة ويقين وقيادية “بربتوا” حتى أن أحدهم أصبح مؤمنا؛ وقد كان ثمة احتفال يتعين أن تجتمع فيه حشود تشاهد السجناء وتسخر منهم، لكن العكس هو ما حدث تماما فقد أخذ السجناء يضحكون من الحشود كونهم ليسوا مسيحيين داعين إياهم أن يحذوا حذوهم.
وقد أتوا بـدببة ونمور وخنازير برية لمهاجمة الرجال بينما السيدات تم تعريتهن لمواجهة البقر الوحشي؛ وعندما أبصرت الحشود امرأتين أفريقيتين شابتين إحداهما قد ولدت وليدا للتو واللبن يجري من ثديها، عند ذلك فزعت تلك الحشود وشعرت بالخزي وتم سحب السيدتين من الساحة وتغطية جسديهما.
وعلى الرغم من آلامها ومعاناتها، فقد ظلت بربتوا مليئة بالتعاطف مع الآخرين فقد ذهبت لمساعدة زميلتها فيليسيتي، ثم وقفت السيدتان جنبا إلى جنب مرفوعتي الرأس لتقطع رأسيهما مثل كافة الشهداء المتجمعين في الساحة.
نيت حتب
حوالي 32000 قبل الميلاد، توجت “نيت حتب” أول ملكة امرأة لمصر القديمة (كمت) ، لتشارك في تأسيس الأسرة الأولى، وهي تعتبر أول ملكة أفريقية اسمها معروف، بل ويمكن القول إنها حكمت “كإلهة أُم” لمصر القديمة (كمت) – أعظم أمة في تاريخ العالم القديم.
“نيت حتب” تعني الإلهة “نيت راضية”، ويمثل زواج “نيت حتب” من الملك “نعرمر” بداية لفترة الأسرة الأولى لـ (كمت) وتوحيد القطرين الشمالي والجنوبي لـ كمت.
وقد عثر على اسم “نيت حتب” في العديد من المواقع وتحديدا في منطقة “النقادة” القديمة بين المقابر الملكية في محافظة قنا بصعيد مصر.
وكان من بين ألقاب “نيت حتب” كإحدى ملكات الأسرة الأولى: “سيدة النساء”.
هيباتيا
المرأة المعروفة بـ “هيباتيا” كانت عالمة، ومعلمة ومفكرة شهيرة ولدت حوالي عام 3600 للميلاد وتوفيت في مارس عام 415 للميلاد؛ وتعتبر هيباتيا أول امرأة تبرز في علم الرياضيات وهي إحدى أهم الشخصيات في عالم الآثار؛ وإلى جانب الرياضيات فقد ألقت هيباتيا دروسا في الفلسفة والفلك.
وعاصرت هيباتيا سيطرة الرومان على مصر وقد لقيت مصرعها على أيدي مسيحيين متعصبين في شوارع الأسكندرية؛ وقد أضاف الأفارقة كثيرا إلى علم الرياضيات وتعلم منهم الإغريق في أكاديمية أثينا.
هيباتيا هي ابنة رجل اسمه “ثيون” هو آخر عالم رياضي معروف ارتبط اسمه بمتحف الأسكندرية.
الملكة أمينة
امرأة أفريقية عظيمة تدعى “أمينة سوخيرة” كانت أميرة لـ “زازو” (الآن زاريا)، فيما يعرف الآن بـ شمال نيجيريا؛ ولدت أمينة حوالي عام 1533 وتوفيت حوالي عام 1610؛ وكانت أمينة محاربة شرسة، كانت تلعب في طفولتها بالخناجر وعندما كبرت رفضت الزواج، وساعدت في أن تصبح زازو (زاريا) محورا تجاريا واقتصاديا هاما، كما وسعت حدودها.
ويقوم تمثال لـ أمينة في المسرح القوي للفنون في لاجوس، نيجيريا، تكريما لأمينة، كما تحمل اسمها العديد من المعاهد التعليمية.
لوزيا: أول أفريقية-أمريكية
“لوزيا” هو اسم أُطلق على هيكل عظمي لامرأة يعود زمنها إلى ما قبل التاريخ؛ وقد عثر على الهيكل في كهف بالبرازيل، أمريكا الجنوبية؛ ويعتقد بعض علماء الأركيولوجيا أنها ربما كانت بين أشخاص قاموا بأول رحلة مهاجرين من أفريقيا إلى أمريكا الجنوبية.
الاسم “لوزيا” يشبه اسم الحفرية الأفريقية الشهيرة “لوسي” التي عاشت قبل 4ر3 مليون سنة؛ وقد عثر على الهيكل العظمي الذي يبلغ عمره 500ر11 سنة في البرازيل عام 1975؛ وقد عثر على الجمجمة مدفونة تحت أكثر من 40 قدما بعيدة عن بقية الهيكل العظمي لكن المدهش أنها كانت بحالة جيدة؛ ولم يتم العثور على بقايا بشرية أخرى في الموقع.
يمكن القول أن المرأة التي أطلقت عليها “لوزيا” كانت امرأة أفريقية تعيش في أمريكا قبل زمان الرقّ بوقت طويل