لقد ابهر حزب المؤتمر السوداني قبل فترة العديد من قيادات الاحزاب السودانية عندما تنحي ابراهيم الشيخ من قيادة حزب المؤتمر السوداني لقيادة جديدة بعد ان اكمل فترتيه من دون ان يعدل دستور الحزب ليعيد نفسه مجددا للقيادة بحجج وهمية كما فعل اغلب قادة الاحزاب السودانية ان الوضع لا يسمح بانتخاب بديل لوضعية البلاد الديكتاتورية ، لكن ابراهيم الشيخ قدم درسا بليغا لكل الاجيال السياسية ان الاحزاب يجب ان لا تقودها عقول مسممة بالشمولية والكارزيما للقيادة الواحدة ، بامكان الاخرين من نفس الحزب ان يلعبوا دورا مؤثرا ، ويمكن ان يحدثوا تغييرا حقيقيا ، وليس تغييرا مزيفا ..
اثناء زيارة عمر البشير الي اقليم دارفور قبل بداية الاستفتاء قال في حوار لاذاعة عالمية انه لن يترشح بعد ان تنتهي فترته ٢٠٢٠ ، صرح بعض قيادات الحزب الحاكم ان البشير ليس له حقا ان يقول ذلك اطلاقا ، حزب المؤتمر الوطني هو من يقرر اذا كان البشير سيتنحي ام لا ، انها بالفعل ازمة القيادة السياسية السودانية حتي من يدعون الديمقراطية والتداول السلمي للقيادة فى نفس المازق الخطير ، هل سيتخذ الحزب الحاكم من درس حزب المؤتمر السوداني مثالا لتداول القيادة ، لا اعتقد ان حزبا كحزب المؤتمر الوطني يستطيع القيام بذلك ، وللمعلومية التاريخية ان اسم حزب المؤتمر الوطني ، هو في الحقيقة كان الاسم الاول لحزب المؤتمر السوداني لكن تمت سرقته ، كما سرق النظام كل ممتلكات البلاد ، ان التغيير الحقيقي ليس في تغيير القيادات ، يجب ان يبدا من القيادات يغيرون انفسهم اولا ، وبعدها عليهم التحدث عن التغيير ، التداول السلمي للسلطة واتباع اسلوب الانتخاب لذلك ، يبدو ان ابراهيم الشيخ وحده الذي استطاع ان يخترق تلك المعضلة التي اخجلت قيادات سياسية كبيرة ، واخرون سخروا من الحزب ، قالوا انه حزبا صغيرا ، ليس له وجود ، هذا من سبيل السخرية ..
في الفترة اكد الحزب السوداني انه الاجدر بالاحترام كسر شبابه محيط الخوف ، وانتقلوا بعمله من دور الحزب وساحات الجامعات الي الشوارع التقوا بالمواطنين في اسواق الخرطوم والابيض والنهود وعطبرة وغيرها من المدن ، وتعرض شبابه للاعتقال والجلد كما فعلوا من القيادي الشباب مستور احمد محمد واخرون ، جلدوهم كي يخافوا ، لكن هل الجلد سيخيف اعضاء حزب المؤتمر السوداني ؟ ، في عام ٢٠١٤ انتقد ابراهيم الشيخ قوات الدعم في ندوة للحزب في النهود ، اعتقل علي اثرها ابراهيم الشيخ هو كان قياديا للحزب وقتها ، وطالبته الحكومة ان يعتذر لانتقاده انتهاكات الجنجويد دارفور ، لكنه رفض الاعتذار ، قال وقتها انه سيبقي ١٠٠ سنة في الاعتقال ، واعتقل قرابة ٣ اشهر بين سجن النهود والابيض ، واخيرا اطلقوا سراحه ، وهو مرفوع الراس شامخا كالجبال ..
قد يطول الوقت حتي تنجب السياسة السودانية نموذجا للتغيير كابراهيم الشيخ الذي ترك قيادة منتخبة بقيادة عمر الدقير ، وهو قيادي شاب اثبت انه جدير بهذه المرحلة ، والحزب له سياسة واضحة ان التغيير يجب ان يبدا بالافراد اولا ثم ينتقلوا للمرحلة الثانية الا وهي انتخاب قيادة تلتزم بالدستور الذي اقسمت عليه ، وليس دستورا مكتوبا بحبر قد ينتهك تحت جريرة ان الوضع الراهن لا يسمح بقيادة جديدة ، القيادات السودانية للاحزاب تتمسك بقشور دساتيرها لتخدع انصارها ، وهذا ما لم يقم به ابراهيم الشيخ ، لك التحية والاحترام وانت بالفعل نموذجا للتغيير المنشود ..