بقلم/ عبدالسلام نورين عبدالسلام
لم يتعرض مجتمع بشري على وجه البسيطة ويلقى العذاب، الاستحقار، الاستعباد، تقليل الشأن، تدمير ممنهج للمؤسسات الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية كما الاقاه الأفارقة على مدار ستة قرون الاخيرة، اصبحت أفريقيا ضحية للاطماع الإمبريالية العربية والغربية وقسمت أفريقيا تقسيما لا يهدف إلا لخدمة المصالح الكلونيالية الاكسدنتالية وأقحمت بعض شعوبها عنوة في جامعة الدول العربية وهي وجه من وجوه الابرتايد (الانترنالكلونيزم) كما نجده في الحالة السودانية والموريتانية والليبية ما يعكس الانحطاط السياسي الذي بلغه القادة الافارقة بهذه الخطوة، لقد نسجت من وحي خيال المستعمرين أفكار ظلامية وظلت الأساطير والآراء المسبقة أو الهبتوس بمختلف صورها تخفي عن العالم لزمن طويل التاريخ الحقيقي لأفريقيا. اعتبرت قومياتها مجتمعات تفتقد للتمدن ولا يمكن أن يكون لهم تاريخ يحث إلى الوقوف عنده او الاهتمام به وشعوبها موغلة في الوحشية والظلامية كما قال وافتراء عليها الفيلسوف الألماني هيغل. ظلت كلمة أفريقيا تتأرجح ما بين الرمز والاشارة إلى الشعوب السوداء في العالم قديما وحديثا وما بين الإشارة إلى أفريقيا الأرض حينا التي تحوي شعوبا سوداء أو ملونيين منذ سالف الزمن ويعتبر الأرض الأم لكل إنسان اسود على وجه الارض، اصبحت كلمة أفريقيا تعبر عن القارة الإفريقية المسمى أفريقيا اليوم منذ عهد الرومان، أعقب اللفظ اليوناني أو المصري الأصل (ليبيا) أي بلد الليبو أو اللبويين المذكورين في سفر التكوين، كما هنالك تفسير آخر وقد يكون مشتق من الكلمة اللاتينية ابريكا ويعني المشمس أو ابريكي وهو الخال من البرد، كما يوجد نظرية أخرى لتفسير المعنى ذات صلة باللغة السنسكرية وهو آبارا (افريقا) للدلالة على ما يقع جغرافيا بعيد أي الغرب وهنالك مصدر فينيقي يعبر عنه بلفظان إحداهما يعني سنبلة كرمزية للخصوبة والاخر فاريكيا وتعني بلاد الفاكهة وهنالك مصدر آخر وهو دلالة إلى شعب من البربر كان يعيش جنوب قرطاج قبل قدوم الفينقين والرومان إلى شمال افريقيا اليوم ومن ثم افريجا أو افريقا للدلالة على بلاد الإفرنج.
أفريقيا هي إحدى قارات العالم الستة ويعتبر أقدمها من حيث تواجد الإنسان الأول ووجد بها أقدم جمجمة بشرية بناء على ما أثبته الدرسات الاركولوجية، كانت مهد لأول الحضارات الإنسانية التي ظهرا في وادي النيل اذدهرت وبلغت ذروتها في الأدب، الفن، الطب، الزراعة، التجارة، الإدارة، التنظيم السياسي( الفدرالية الافريقية) والعمران وكما هو قائم في الأهرامات التي ورثناها عن أسلافنا في السودان ومصر؛ للدين دور مميز في حياة الأفريقي لقد أعتقد الأفارقة منذ الماضي السحيق في وداي النيل بالبعث والحساب أي الحياة ما بعد الممات ووصلت مرحلة التوحيد في الاخناتونية.
رؤية البان افركا Pan Africanism
هي فكرة سياسية تهدف إلى توحيد الأفارقة في اتحاد افريقي يهدف الى خدمة والدفاع عن المصالح المعنوية والمادية للأمم السوداء في أفريقيا والديسابورا.
لم تظهر رؤية البان افركا بمحض الصدفة، بل كان لها مقدمات موضوعية ترجع أصولها إلى نضالات الشعوب الافريقية لمقاومة الاستعباد والاستعمار الذي ظهر أقبح صنوفه في سفن العبيد وحركات التمرد والمقاومة والانتحارات الجماعية التي نظمها أسلافنا المستعبدين في المزارع الاستعمارية والرغبة بالعودة إلى الوطن الأم (افريقيا) في القرن التاسع عشر. القرن العشرين يعتبر الانطلاقة الحقيقية وبداية البعث والتنظيم السياسي والتطوير الفكري لرؤية للبان افركا تحت قيادة الديسابورا الافريقية في مؤتمر 1900م في واستمنستر بلندن الذي تمخض عنه احتجاجات على التمييز العنصري ضد السود وسرقة الأراضي الافريقية في المستعمرات وغيرها من القضايا التي تهم السود، كما تبعه المؤتمر الذي نظمه الدكتور دابو في 1919م في باريس كأول مؤتمر افريقي وطالب باستقلال الدول الافريقية كما تبعه عدة مؤتمرات في 1921م (لندن، بركسل، باريس) و1923م (لندن، لشبونة) و1927م بنويورك. كافة الجهود التي بذلت تهدف إلى تنظيم جهود الأفريقين تجاه التحرر ودعم حركة الحقوق المدنية للافارقة وكافة الشعوب المضطهدة في العالم ويظل مؤتمر مانشستر 1945م أهم المؤتمرات نسبة للوفود الكبيرة التي حضرت من العالم الأفريقي (افريقيا الاجتماعية) من أفريقيا والأمريكتين الشمالية والجنوبية والكاريبي مما دفع الأفارقة بالمطالبة باستقلال الدول الافريقية عبر وسائل مختلفة بما فيها استخدام القوة من أجل تقرير المصير.
في 1958م دعى كوامي نكروما اول زعيم لغانا المستقلة لعقد مؤتمر ووجه الدعوة لكل الدول الافريقية المستقلة (السودان، مصر، إثيوبيا، ليبيريا، تونس، ليبيا، المغرب) من أجل الالتزام بدعم دول القارة وتوج هذه المجهودات باستقلال 31 دولة وتم تكوين منظمة الوحدة الأفريقية في مايو 1963م (الاتحاد الأفريقي). تواصل الجهود في 1974م عقد الاب جليوس نيريري مؤتمر في دار السلام بتنزانيا والمعروف AA6 ضم منظمات متبنة لرؤية البان افركا وحضر 52 وفدا من أفريقيا والأمريكتين والكاريبي وبريطانيا والمحيط الهادي نوقش عدد من القضايا منها قضايا التحرر من الهيمنة الثقافية والتبعية الاقتصادية وانتقدوا دور منظمة الوحدة الأفريقية وافتقار للتنسيق والتشبيك مع الديسابورا ودعوا مجددا إلى الوحدة العالمية للافارقة ودعم حركات التحرر في في انغولا، موزمبيق، غينيا بيساو، زيمبابوي وافريقيا الجنوبية؛ إلا أن المؤتمر لم ينجح إلى وضع هياكل واضحة لتطبق أفكاره وشدد نيريري بأن نهاية الاستعمار لا يعني انتهاء الظلم ولابد من وضع رؤية من أجل حركة عالمية للمساواة وتقرير المصير الوطني ووضع أولوية لحل قضايا العرق، الطبقة، الديسابورا وإضطهاد المرأة والإشتراكية الأفريقية الذي يتماشى مع بنية الإقتصاديات الأفريقية التقليدية. من هنا تطورات فكرة السودان الجديد بتبني نمط إقتصاد يوازن بين المنتجات المحلية والمناقسة العالمية في السوق ونجد ابرز مثال لذلك بوركينا فاسو في عهد سنكارا واثيوبيا اليوم وربط الثقافة بالإقتصاد ونقل المدنية إلى الريف وتأميم بعض المؤسسات الحيوية مثل الصحة، التعليم، المواصلات والسكة حديد، الإتصالات، الماء والكهرباء.
في 1994م عقد مؤتمر في يوغندا وجرت محاولة لتصحيح الإخفاقات السابقة من خلال إقامة أو تكوين هياكل دائمة للعمل التنظيمي، لم تكلل هذه الجهود بالنجاح وظل رؤية البان افركا رؤية للشعوب ولم تجد التبني من الحكومات وأصبحت معاقة من قبل الدول التي تدور في فلك العالم الفراكوفوني والانجلوفوني والعربفوني والقت بظلالها على حركة البان افركا.
ظل الجيل الثاني والثالث للبان افركا حالمين بالوحدة الافريقية الحقيقة وعملوا من أجل ذلك ودفعوا حياتهم ثمنا لذلك مثل باترس لوممبا وتوماس سنكارا وآخرين تعرضوا لانقلابات منظمة من القوى الإمبريالية. يظل أبرز الشخصيات الذين تبنوا رؤية البان افركا ماركوس غارفي، كوامي نكروما، باترس لوممبا، أحمد سكورتي، جومو كنياتا، الأب جوليوس نيريري، دكتور جون قرنق، يوري موسيفيني واسياس أفورقي.
الفن الأفريقي في حركة البان افركا
لعب الفنان الأفريقي دورا مهما في دعم حركة التحرر في أفريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وأطلق عليها Négritude Afrocentrism Rastafarianism والهيب هوب، قدم الفنانين الأفارقة أو شئت قول من أصل افريقي كما يشاء أحيانا الهاما كبير في الفن وا التراث الأفريقي الذي يعتز ويمجد الذات الافريقية وجددوا اتصالهم مع أرض الأسلاف أو الأرض الأول مثل بوب مارلي وجيل من الكتاب والروائيين مثل تشينوا اتشيبي، وول سونيكا وآخرين وكذلك الشعراء مثل ايمي سيزار وليوبولد سيزار سنغور والفيتوري قبل يتعرض لإعادة الإنتاج الثقافي وينتكس ويقع في براثن العروبة هولاء من الذين سلطوا الضوء على القارة بطرق أدبية وفنية متعددة.
الدين والمجتمعات الأفريقية
الدين مصطلح اطلق على مجموعة من الأفكار والعقائد التي توضح حسب أفكار معتنقيها الغاية من الحياة وكيفية تسيير الكون وتبين الخير والشر، كما يعرّف عادة بأنه منظومة الاعتقادات المرتبطة بما وراء الطبيعة وعالم الإلهيات وغالبا ما تكون ذو صلة بقيم وأخلاق وممارسات ولديها مؤسسات لصيقة بذلك الاعتقاد تعبر عنها سياسيا واجتماعيا عبر رموز وطقوس محددة، بالمفهوم الواسع عرّفه بعض علماء الاجتماع الدين بانه المجموع العام للإجابات التي تفسر علاقة البشر بالكون عبر مسيرة طويلة. من اجل ايجاد السعادة الابدية للانسان تطور الأديان من الديانة الافريقية القديمة في وداي النيل وأخذت عددا كبيرا من الأشكال في الثقافات المختلفة وبين الأفراد والجماعات المختلفة حتى وقفنا على عتبة الديانات الابراهيمية. يشكل الدين تاريخيا حركة اجتماعية وثقافية تتجلى أشكالها من خلال الممارسات الطقسية ومنظومة الأخلاق والتصورات والانساق السائدة في المجتمع، للافارقة معتقدات موغلة في التاريخ ولم تكن يوما فارغة من القيم الروحية، رغم ذلك أصبحت أفريقيا مسرح للتبشير وحاضنة لأهم ديانتين ظهرتا خلال الفي سنة الأخير وهما المسيحية والإسلام، تلك الديانتين لم تعبرا عن الإنسان الأفريقي بشكل صريح من حيث منظومة المعاملات والطقوس وأتت حاملة لثقافة مضادة للثقافة الافريقية حيث أثرت على حياة الأفارقة، مما يحتم على الأفارقة إعادة تأويل هذه الديانات لكي تكون منسجمة ومتوافقة مع الذوق الأفريقي باستبعاد التدين الجلف أو الجاف و تأويله بما ينسجم مع تطلعات واعتقادات الأفارقة كما نجدها في محاولات العذراء السوداء وحركات التصوف الاسلامي في غرب القارة وسانتيريا في كوبا، فودني Vobduفي هايتي والدومينكان، كاندوفيلي في البرازيل والاثيبونزم Ethiopionism التي نمت بين السود الامركان و منطقة الكاريبي في القرن التاسع عشر.
امرأة عارية داكنة
ثمرة طازجة بجلد مشدود
مباهج داكنة لنبيذ اسود
ذلك الفن الذي يهب الموسيقى لفمي
افاق ناصعة للسافنا التي ترتعش من الملاطفة الحميمة
للرياح الشرقية المنحوتة على ايقاع التم تم فوق جلد الطبل المشدود
الأحد 12 فبراير 2017
نانت – فرنسا
[email protected]