صحيفة الهامش
منذ أن عرف العالم – وبلادنا ليس إستثناء – ( الإستفتاءات ) وما أدراكما ( الإستفتاءات ) ظلّ – وسيبقى – السؤال المحورى، والأساسى هل عملية الإستفتاء هى غاية فى حد ذاتها أم وسيلة لتحقيق غاية ؟.. وقلنا أكثر من مرّة- كما قال غيرنا- أنّ إستفتاء دارفور، استحقاق سياسى هام، وهو بلا شك واحد من استحقاقات إتفاقية الدوحة، وكان المأمول أن تقوم الحكومة المركزية فى الخرطوم، بتهيئة المناخ السياسى الذى، يجعل من الإستفتاء عملية سياسية جديّة، تصب فى خانة الإستقرار السياسى، وتفتح الطريق للمصالحة والعدالة فى دارفور، و أن يكون ( الإستفتاء) دعماً عملية البحث عن السلام المُستدام فى دارفور، لا خصماً عليها، ولكن هيهات!.
الواضح من ( الماجرى) ومن كُل ما جرى ويجرى الآن، فى دارفور حيث مراكز الإقتراع، أنّ الحكومة / الدولة – الإنقاذ- تعاملت مع إستفتاء دارفور، بطريقة وضع العربة أمام الحصان، فأعلنت عن خطّتها، و حدّدت هدفها وغايتها، من إجراء الإستفتاء، وسارت فى طريق التنفيذ الآحادى، دون أىّ إعتبار للظروف التى تتم فيها العملية، ودون الإستماع إلى الرأى الآخر، ودون الإهتمام بأىّ شراكة، ومُشاركة، تجعل من الإستفتاء عملية سياسية مُجتمعية، بحق وحقيقة، وليست شأناً حزبياً داخلياً، يهم حزب المؤتمر وحده!.
مرّة أُخرى تضيع على الوطن ودارفور – على وجه التحديد- فرصة نادرة للخروج من نفق الأزمة الدارفورية، وتجاوز مطبّاتها الصعبة، وهذا يُعمّق الأزمة، ويجعل طريق البحث عن حل يكفل السلام، والعدالة والديمقراطية، أكثر وعورة، بل يكاد يُغلقه تماماً، ويفتح الباب على مصاريعه، للمزيد من الإحتراب، والإقتتال ، والتشرزم، بدلاً عن البحث الجاد لتحقيق السلام الحقيقى، والذى سبق وأن أكّدنا- كما أكّد غيرنا – إستحالة الوصول إليه عبر البندقية والحل العسكرى والأمنى، ومن المهم أن نؤكّد أنّ تأخير الوصول للسلام فى دارفور، يُعيق بقاء الوطن مُستقرّاً وآمناً، ومن الواجب الإنتنباه لخطورة السير فى طريق الحلول الأمنية والعسكرية، بدلاً عن الحوار الجاد والذى لا يستثنى أحداً.
وضع الحصان أمام العربة، خطأ سياسى، وجهل بالتاريخ والجغرافيا، يجب الإعتراف بخطورة مآلاته، والتمادى فيه، والواجب يُحتّم، إيجاد مخرج – حقيقى – لإنقاذ السلام والإستقرار فى دارفور، حتّى بعد إعلان النتيجة، وهى معروفة، من قبل ومن بعد، ولا تغرّن الحكومة، النسبة العالية المؤيّدة لخيار المؤتمر الوطنى ، أى ( خيار الولايات)، التى تمّ التخطيط لها بدقّة، والإعلان عنها، بصورة فجّة ومُستفزّة للعقول، لأنّها نتيجة محسوبة ومحسوم أمرها، قبل التكوين، لتصبح عملية الإستفتاء مُجرّد إجراءات فقط، و ” تمرين ” داخلى، لفريق الإنقاذ، لا تُقدّم، ولكنّها – بلا شك – ستؤخّر عملية الوصول لسلام مستدام!. تُرى ما الجديد، بعد الإعلان عن نتيجة هذا الإستفتاء؟
فيصل الباقر
[email protected]