السمات الأساسيّة للعدل والسلام في السّودان
الاعتراف – العدالة – التنمية
حماد وادى سند الكرتى
محامى وباحث قانونى
[email protected]
http://internationallawandglobaleaffairs.weebly.com
إذا كان هناك من يسعى إلى استدامة السلام والأمن كان لابدّ أولا من تحقيق العدل والمساواة بين الناس ونحن هنا لا نعنى المساواة بالمعنى الحقيقي بين الناس لآن ذلك ضرب من ضروب المستحيل. ولكننا نعنى تطبيق مبادئ والأسس الأساسية المتعلقة بسيادة القانون والحكم الرشيد والذي من خلاله يمكن كفالة الحقوق لكل الناس.
إن تطبيق مفهوم سيادة القانون بالمفهوم الراسخ في ميثاق منظمة الأمم المتحدة يعمل على منع كثير من النزاعات المسلحة والتي تتولد نتيجة للظلم والاضطهاد والفقر والجهل الممنهج التي تمارسه بعض الأنظمة ضد عرقيات بعينها.
إنّ من الأهداف الأساسية لميثاق الأمم المتحدة هو تحقيق العدالة من خلال احترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغير ذلك من مصادر القانون الدولي، لذا كان من الضروري على الدول الالتزام بتطبيق تعهداتها الناشئة عن التزاماتها الدولية.
إنّ سيادة القانون من المواضيع الأساسية والتي من خلالها يمكن أن يبنى كل مقومات البناء والسلام والتنمية والأمن، بل إنّ سيادة القانون مرتبط بشكل وثيق بالتنمية وذلك على المستويين الدولي والوطني. فعلى المستوى الوطني، فإنّ تحقيق وتطبيق المبادئ الأساسية المتعلقة بسيادة القانون يعمل على تحقيق السلام والنمو الاقتصادي ويعمل على القضاء على الفقر والجوع بل وإعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على نحو شبه كامل. كما أن سيادة القانون يعمل وبشكل كبير على توفير المناخ المناسب لتوفير سبل العيش المستدامة والقضاء على العنصرية والمحسوبية والإقصاء وعدم التمكين وإتاحة الفرص للاحتكام إلى القضاء المستقل والعمل على إتباع الإجراءات القانونية الواجبة وترسيخ سبل الانتصاف في جميع المجالات العدلية.
أما الوضع القائم الأن في السودان فهو وضع يدعوا إلى التقزز والسخرية، حيث تعيش بعض المجتمعات في السودان في رغد من العيش جيل بعد جيل، بينما يرزح أخرون في فقر مدقع، هذا الأمر يجب أن يتغير بشكل كامل.
إنّ أبناء جبال النوبة وغيرهم من العرقيات المضطهدة والمهمشة، الحق الكامل وغير المنقوص بالاعتراف والعدالة والتنمية، وسوف نتناول كل من تلكم الحقوق على حدة وذلك على هذا النحو:
أولا: الحق في الاعتراف:
إنّ مفهوم الحق في الاعتراف يشمل الأمور الأتية:
1/ الحق في المساواة وعدم التمييز: ينبغي على الدولة أـن تطبق على أرض الواقع النقاط العملية الأتيّة:
– إزالة جميع العقبات العنصرية والتمييزية والتي تحول دون الاعتراف بحقوق أبناء جبال النوبة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بما في ذلك الحق في التنمية.
– تطبيق الاتفاقيات الدولية والمتعلقة بجميع أشكال التمييز العنصري ضد الأشخاص.
– مراجعة التشريعات الوطنية والتي لا تشمل فئات عرقية ودينية وثقافية في السودان بحيث يكون التشريع شامل لكل فئات المجتمع السوداني، بحيث يشمل اللغات والثقافات الأخرى.
– تمتع جميع فئات السودان وبشكل متساو في جميع الحقوق والحريات الأساسية ووضع خطّة وطنيّة صادقة لتعزيز التنوع والمساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومشاركة الجميع في إدارة السودان لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية على حد سواء.
– العمل على تعزيز المؤسسات والأليات بهدف مكافحة العنصرية والفساد والتمييز العنصري والكراهية العرقية وما يتصل بذلك من تعصب فضلا عن تعزيز المساواة العرقية بمشاركة ممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
2/ المشاركة والاندماج في المجتمع بشكل حقيقي وكامل:
ينبغي على الدولة أن تعتمد تدابير تهدف إلى تمكين العرقيات المهمشة بما في ذلك أبناء جبال النوبة من المشاركة بصورة حقيقية وقعالة في الشئون العامة للبلاد بما في ذلك الشئون السياسية دون تمييز بل ووفقا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.
3/ الاعتراف بالانتهاكات الماضية ومنع حدوثها في المستقبل:
إنّ أول خطوات العدالة الاجتماعية هو أن تعترف الحكومات بما في ذلك الحكومة الحالية بالانتهاكات الصارخة ضد حقوق أبناء جبال النوبة وخلق ألية للمصالة الوطنية والعمل على التئام الجروح الغائرة في قلوب الملايين والذين إكتووا بنيران الحروب والانتهاكات البشعة والممنهجة ضد أبناء جبال النوبة.
ثانيا: العدالة والاحتكام إلى القضاء المستقل:
إنّ العدالة هو الطريق الوحيد إلى السلام الحقيقي لذا لابدّ من تطبيق تدابير ضمان المساواة أمام القانون وذلك فيما يتعلق بالحق في المساواة في المعاملة أمام المحاكم بل وجميع مؤسسات إقامة العدل. ولتطبيق أسس العدالة الصادقة ينبغي على الحكومة أن تتبع الخطوات الأتيّة:
1/ القضاء على ظاهرة التنميط العنصري.
2/ تمتع جميع الفئات الفئوية في السودان بحماية القانون وسبل الإنصاف المتاحة أمام المحاكم الوطنية وجميع المؤسسات العدلية الأخرى.
3/ القضاء وبشكل تدريجي على نشر الأفكار القائمة على التفوق العنصري والكراهية العرقية والتحريض على الكراهية العرقية أو العنف أو التحريض على العنف العنصري فضلا عن أنشطة الدعاية العنصرية والمشاركة في منظمات تعمل على بث سموم الكراهية العنصرية بين فئات الشعب.
4/ لابد من إيجاد قضاء مستقل ويتفق مع التدابير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء.
ثالثا: الحق في التنمية ومكافحة ظاهرة الفقر:
إن مناطق جبال النوبة تعرضت لسياسة تهميشيه مقصودة من قبل جميع الحكومات السابقة والحالية، لذا فإنّ المنطقة بحاجة إلى تنمية حقيقية وعاجلة في المجالات الأتيّة:
1/ التنمية في مجال التعليم:
ينبغي على الحكومة أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لتزويد مناطق جبال النوبة بالأدوات الأساسية بما ذلك بناء المدارس لإتاحة الشباب والأطفال للالتحاق بالمدارس.
كفالة الحصول على التعليم الجيد لاسيما في المناطق الريفية والاهتمام بتحسين نوعية التعليم العام في مناطق جبال النوبة.
2/ العمالة المتساوية:
ينبغي على الحكومة أن تتخذ تدابير فعالة لمحاربة العنصرية في مجال العمالة الحكومية والمؤسسات الخاصة على حد سواء.
3/ الصحة العامة:
مناطق جبال النوبة في حاجة ماسة لبناء المستشفيات وغير ذلك من التخصصات والكوادر الصحيّة.
4/ الإسكان:
مناطق جبال النوبة في حاجة ماسة للبنية التحتية بما ذلك الطرق وخدمات الإسكان.
إذا كانت لديكم عزيمة صادقة لبسط العدل والسلام في السودان فعليكم بتطبيق القانون المستقل وإتباع مبادئ العدالة والحكم الرشيد، أما عدا ذلك فيعد ضرب من ضروب النفاق والالتفاف على الحق الواضح.
عن المركز الإفريقي للعدالة والحكم الرشيد:
المركز الإفريقي للعدالة والحكم الرشيد منظمة إقليمية إفريقيّة غير حكوميّة تأسست منذ العام 2001م، المركز معنى بدعم وتعزيز أوضاع العدالة في المنطقة الإفريقيّة، فضلا عن إرساء مبدأ سيادة القانون والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان فضلا عن الحقوق المدنيّة والسياسيّة وفقا لمبادئ القانون الدولي.
قبل إصدار الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بشكله الحالي
أهداف المركز الإفريقي للعدالة والحكم الرشيد
➢ إرساء مبدأ سيادة القانون والحكم الرشيد
➢ العمل على تنسيق التشريعات الوطنيّة في القارّة الإفريقيّة مع التشريعات الدوليّة
➢ استقلال السلطة القضائيّة ومحاربة سياسة الإفلات من العقاب خاصّة فيما يتعلق بالجرائم ذات الطابع الدولي الخطير- جرائم الإبادة الجماعيّة – الجرائم ضد الإنسانيّة فضلا عن جرائم الإبادة الجماعيّة.
➢ دعم عمل المحكمة الجنائيّة الدوليّة فيما يتعلق بالقضايا المنظورة أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة.
➢ نشر ثقافة القانون الدولي- الشفافيّة – المسألة.
حماد وأدى سند الكرتى
محامي وباحث قانونيا
[email protected]
http://internationallawandglobaleaffairs.weebly.com