احمد محمود كانِم
بادئ ذي بدء، استأذنك عزيزي القارئ، للتحليق بك قليلاً حول ماهيّة كلمة “الجنجويد” ، قبل أن نعمد إلى تفكيكها وتشريحها حسب تمرحلها عبر أطوارها المختلفة..لا كما اختلقها بعضُ أصحابِ الخيال الواسع في بداية النزاع في دارفور من أنها:
“جن + جواد +جيم 3” ..
أي ” جنٌ، يمتطي جواداً، يحمل سلاح GM3 النارية “.. وما إلى ذلك .
* إن كلمة” الجنجويد، الجمجويت”؛ مفردة ضاربة في القدم، اصطلح سكان اقليم دارفور على اطلاقها على كل مجموعة تمتهن “الهمبتة” والسرقة والنهب والقتل والتطاول على ممتلكات الغير.
وبالتالي فهي صفة، تأتي مرادفة لكلمة ” الهمباتي” و”الزقَندي” و”الخمّايْ” و” أبحِبيل” و”النهبي” و” السرّاجي” و” السرّاق” و”قاطع الطرق” و ” نمل الدوم” و “المُرقابي”.. وغيرها من الأسماء التي تدل على أن صاحبها يمارس القتل والسرقة وقطع الطرق.
مع العلم أن لفظ (الجنجويد) لم تكن حصرية على كيان إثني محدد طوال تلك الفترة .
لكن في الأعوام العشرين الأخيرة، اتسعت رقعة تلك الصفة لتغطي أجناسا وإثنيات معينة في الإقليم.. بعد أن اطلقت السلطات الحاكمة يد مجرميها على السكان المحليين.
*في اعتقادي، _رغم أن جلّ أفراد وقادة تلك المليشيات تنحدر من عشائر رعوية بعينها_ أن تعميم صفة الجنجويد على جميع أفراد القبيلة، أمر غير عادل وغير دقيق البتة..
إذ ليست جميع القبائل الرعوية في دارفور قد مارست تلك الأفعال “الجنجويدية” ، كما أن ثمة قادة وأفراد ينحدرون من قبائل غير رعوية عُرفت عنها ممارسة ذات الأفعال “الجنجويدية” بحق إخوانهم الذين لا زالوا يقبعون في مخيمات اللاجئين والنازحين.
من هنا يتضح لك عزيزي القارئ أن كلمة الجنجويد ” نعت وصفة” ، تظل ملازمة لكل من يمارس ما يستوجب التسمية، على نحو ما ذكرنا.
* قد اتفق مع السيد عضو المجلس السيادي محمد حسن التعايشي في ما ذهب إليه من تجريم من يطلق هذه التسمية على غيره..من باب “لا تنابذوا بالألقاب”.
لكن ليس قبل أن يجتهد هذا التعايشي قليلاً في تجريم وإيقاف أؤلئك الجنجويد من ارتكاب الأفعال الجنجويدية التي قفزت باكراً لتتربع على صفحات وسطور الملفات والمصنفات والسجلات الدولية والمراجع التأريخية، مقرونة بأبشع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في التأريخ الحديث.
سنُقلع عن التلفّظ والتفوّه بهذا الإسم البغيض، لكن ليس قبل أن يقلع أؤلئك القتلة عن ممارسة قتل المواطنين.. عن الاغتصاب، وعن النهب.
سنقلع عنه فوراً، إذا أقلعوا عن الاستيلاء بقوة السلاح على أراضي المواطنين الذين ما انفكوا يتعرضون بشكل يومي إلى جرائمهم الوحشية التي لم تتوقف منذ العام 2003 حتى لحظة كتابة هذه السطور.
أيها السادة الجنجويد الأشرار : سنقلع عن تسميّتكم ب”الجنجويد ” فوراً، إذا اقلعتم عن وصف غيركم من السكان المحليين ب”العبيد” و”النواب”و ” النجقد” و”الأمباي”.
وإلا فستبقى تلك الصفة باقية تلاحق كل من يفعل ما يستوجب التسمية ، مهما حاول تلميع نفسه بأسماء وصفات أخرى .