الدكتور حمدي عبدالرحمن
ثقافات أفريقية: مهرجان جيريول وملوك جمال الرجال
في نهاية موسم الأمطار، والذي يكون عادة في سبتمبر من كل عام، تتجمع عشائر ودابي الرعوية في منطقة الساحل الأفريقي للاحتفال قبل بداية رحلة الهجرة سعيا وراء الماء والكلأ. ويعتقد الودابي أن العيون اللامعة والأسنان البيضاء والأنف الحاد هي من علامات الجمال ولذلك يستخدم الرجال منهم مساحيق التجميل لإبراز مفاتنهم. ويقضي الودابي معظم أوقاتهم في السفر من خلال مجموعات عائلية صغيرة عبر صحراء الساحل الأفريقي القاسية، ولا سيما في النيجر. كما تنتشر هذه المجموعات القبلية في الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ونيجيريا. إنه بعد أشهر من الترحال عبر المئات من أميال الصحراء القاحلة، يكون مهرجان جريول فرصة مهمة للتجمع والفوز بزوجة. وعادة ما يستمر هذا المهرجان الموسيقى الراقص سبعة أيام بلياليهم. ويحرص منظمي المهرجان على ابقاء مكانه محاطا بالسرية التامة الى أن يتم الاعلان عنه قبل موعده بعدة أيام. واللافت للانتباه أن جميع رقصات الياكي التي تحكمها النساء تستهدف في نهاية المطاف سرقة قلب امرأة من بين الحاضرات. وبطبيعة الحال، فإن الشيء المثير حول ثقافة ودابي هي أن المسؤولية تقع على كاهل الرجال من أجل تجميل أنفسهم وإغراء النساء، وهو ما يخالف التقاليد المعروفة في باقي أنحاء العالم.
يقف الرجال خلال هذه الرقصات، جنبا إلى جنب و يتحركون ببطء أثناء رقصهم على شكل دائرة. وتقف نساء القبيلة المؤهلات للزواج خلف المتنافسين حتى يمر الفتى المفضل من أمامهن وعندئذ يتلقى وكزة على الكتف كتعبير عن الاهتمام. ومع ذلك تعد رقصة الياكي الرقصة التي يرغب كل رجل أن يتفوق فيها. والرجل الذي يتم اختياره ملكا للجمال في الياكي سوف يحظى لا محالة بغرام النساء. وتنطوي التحضيرات لهذه المنافسة على وضع ماكياج متقن مستخرج من النباتات الصحراوية الملونة والصلصال. وعادة ما يتم اختيار ثلاثة نساء خصيصا للعمل كلجنة تحكيم لاختيار الذكور الأكثر جمالا وجاذبية. وفي كثير من الأحيان تكون لجنة التحكيم من بين بنات الفائزين السابقين. وفي ذروة الرقص، تتقدم كل واحدة من هؤلاء الفتيات الثلاثة المراوغات ببطء نحو الرجال المتسابقين رافعة ذراعها ومطأطأة رأسها حتى إذا ما بلغت الشخص الفائز ألقت عليه بذراعها لتشير له بالخروج.
في يونيو أو يوليو من كل عام تُقام منافسة أجمل رجل في القبيلة لدى جماعات البودي في وادي أومو، وهي منطقة نائية جنوب أثيوبيا. تبدأ المسابقة قبل ستة أشهر من الحفل، حيث يسمح لكل أسرة أن تتقدم برجل غير متزوج لهذا التحدي. ويلتزم المتنافس الذي وقع عليه الاختيار بأن يلزم كوخه ولايغادره. وتقوم النساء في القرية بخدمة المتنافسين حيث يقدمن لهم الغذاء على شكل خليط من حليب ودم البقر. وتعد الأبقار مقدسة لدى قبيلة بودى حيث يحرم ذبحها. وعادة ما يتم الحصول على دم البقر من خلال إحداث ثقب في الوريد برمح أو بفأس، وبعد ذلك يتم وضع الطين عليه ليعود كما كان.
ونظرا لارتفاع درجات الحرارة، يتعين على الرجال شرب وعاء الدم والحليب بسرعة قبل أن يفسد. وهنا تختلف قدرات المتنافسين في سرعة اتمام الشراب. وكما يقول أحد أفراد القبيلة: “إن الرجال السمان يشربون الحليب والدم طوال اليوم، فالوعاء الأول من الدم يتم شربه مع شروق الشمس. وعادة ما يكون المكان مليئا بالذباب. وعلى الرجل أن يشرب منه بسرعة قبل أن يتخثر أو يتغير طعمه. ولكن البعض لا يستطيع أن يشرب كل شيء. ويقوم الرجال بتغطية أجسادهم بالطين والرماد قبل أن يخرجوا من أكواخهم سيرا على الأقدام إلى المكان الذي تجرى فيه مراسم المسابقة. وعادة ما يجلب الفائز المجد لعشيرته، ولكن الأكثر من ذلك هو تعزيز فرصه في العثور على زوجة. ويبدو أن نمط حياة هؤلاء السكان مهدد من قبل خطط التطوير والتحديث التي تتبناها الحكومة الاثيوبية والتي قد يترتب عليها إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية للمنطقة من خلال توطين الالاف من السكان.
هي المجتمعات القبلية الوحيدة التي يرتدى فيها الرجال الحجاب او اللثام بدلا من النساء. فالرداء كما هو واضح من الصورة مصنوع من القطن ويغطي الرأس. وقد يصل في طوله إلى ثمانية أمتار. والطارقي، نسبة لمكان في فزان بليبيا يرتدي اللثام لأسباب عملية: حيث يحميه من الشمس والرمال، لكن بعض الرجال لا يتخلى عن ارتدائه ليلا، وحتى أثناء وجبات الطعام.. يغطي الرجال وجوههم أمام الغرباء والنساء. والعجيب أن المجتمعات الطوارقية أمومية حيث تتمتع المرأة بمكانة كبيرة، كما أن المرأة حرة في إظهار وجهها. وقد يستخدم الرجال اللثام في بعض المجموعات العرقية الأخرى المجاورة، مثل الهوسا أو السونغاي..
يعد الفودو من أكثر الأديان التقليدية في أفريقيا والتي أسئ استخدامها. فمنذ أن ظهرت افلام الزومبي (أي الشخص العائد للحياة) في هوليود أربعينيات القرن الماضي والبعض يربط بين الفودو والسحر الأسود أو العنف وذلك على غير الحقيقة. تمارس طقوس الفودو على نطاق واسع في غرب أفريقيا، وخاصة توغو وغانا ونيجيريا ولكنه يعد المعتقد الرئيس في بنن حيث يؤمن به نحو 40٪ من السكان. ويعد يوم الفودو عطلة رسمية، كما يوجد متحف وطني للفودو. وترجع النشأة الأولى لهذا الدين إلى زمن ممالك الفون والكونغو في أفريقيا قبل ما لا يقل عن ستة آلاف عام. وكلمة “الفودو” مشتقة من لغة الفون، وتعني “مقدس”، أو “روح” أو “الإله”. وثمة كلمات أخرى تستخدم في الفودو اليوم مستمدة أيضا من لغات الفون والكونغو. على سبيل المثال، كاهنة الفودو غالبا ما يشار إليها باسم مامبو أو مانبو. وهي تجمع بين مقطعين في لغة الفون “الأم” أو ” السحر الناعم “وكلمة “المعالج” بلغة الكونغو. ومن المعروف أن مملكة الفون التقليدية تقع اليوم في جنوب بنين، وهي منطقة يصفها بعض علماء الأنثروبولوجيا بأنها “مهد الفودو”.
ويعد الفودو أكثر من مجرد نظام للاعتقاد، فهو هو طريقة حياة كاملة، بما في ذلك الثقافة والفلسفة واللغة والفن والرقص والموسيقى والطب وما إلى ذلك. وتشمل طقوس الفودو ما يلي:
– تبجيل الأسلاف
– تقديم القرابين من الذبائح لإظهار الاحترام للإله من أجل استجابة الدعاء أو لتقديم الشكر
– استخدام الأشياء، التي يفترض أن تحتوي على جوهر أو قوة أرواح معينة
– الرقصات الاحتفالية، التي غالبا ما تنطوي على الأزياء الفضفاضة والأقنعة
-الموسيقى والأدوات الاحتفالية، خصوصا الطبول
ويتكون العالم الروحي الفودو من: المويو، وهو الكائن الأسمى يليه نحو مائة من آلهة الفودو التي تمثل ظواهر مختلفة. جو تمثل الحرب ومهنة الحدادة، وساكباتا تمثل المرض، والشفاء والأرض، والهيفوسو تمثل العواصف والبرق والعدالة أما مامي واتا فتمثل المياه.
ويعمل كهنة الفودو كوسيط بين الآلهة والناس حيث يطلبون من هذه الآلهة التدخل لصالح الناس العاديين ويؤكد الفوديون أنه لا توجد علاقة على الاطلاق بين طقوسهم الدينية وبين أعمال السحر. ويطلب الكهنة تقديم بعض القرابين مثل الدجاج أو الغنم وذلك من أجل تحقيق رغباتهم التي تتراوح بين الشفاء من المرض، والعثور على وظيفة، واستكمال صفقة تجارية، والعثور على الزوج أو الزوجة أو ولادة طفل.
صوت الهامش