موقف نظام المؤتمر الوطني من الاتفاق حول مسارات الاغاثة الانسانية وايصالها للمتاثرين بالنيل الازرق وجبال النوبة عبر اصوصا مثير للدهشة والاستغراب للبعض لكن من يعرف طبيعة نظام البشير في الخرطوم لا يندهش من ذلك ابدا، فالنظام ليس مستعد بعد للنقاش بجدية حول قضايا إحلال السلام ومخاطبة القضايا الإنسانية في المنطقتين في هذه الفترة وسابقاتها، فرفض نظام المؤتمر الوطني استخدام اصوصا كمعبر للمساعدات الانسانية بالرغم من عرض الحركة الشعبية بتقديم كافة الضمانات لتخوفات النظام الغير مبررة خصوصا وتطابق موقف الالية الافريقية للوساطة مع موقف الحركة الشعبية في
اختيار مدينة اصوصا كمعبر انساني خارجي وحيد، علي ان تصل ما نسبتة ٨٠% من المساعدات الإنسانية وفقا لمقترح الحركة الشعبية ستأتي عبر المعابر الداخلية، وعلى نحو أخص المواد ذات الحجم الكبير مثل الأغذية، وإن نسبة ال20% المتبقية ستشمل مواد حساسة مثل الأدوية والمواد ذات الطبيعة الرخوة والأشخاص المحولين لمواصلة علاجهم بالخارج، هذه التنازلات الكبيرة في قضايا المسارات الإنسانية التي قدمتها الحركة الشعبية شمال في المفاوضات بالجولة 15 اعتبرها النظام والوفد الحكومي تناولا وهروله نحو اتفاق سلام، فالحركة الشعبية والجيش الشعبي في اقوي اوقاته وحالاته المعنوية وحقق
وقادر علي مواصلة تحقيق الانتصارات علي فلول ومليشيات النظام، وكل الذي حدث كان هو تنازل اخلاقي وليس تكتيكي تقدمت به الحركة الشعبية لانجاح المفاوضات والتزام منها لتعهدتدتها للمجتمع الدولي والوساطة فيما يتعلق بالقضايا الانسانية، وأصوصا الاثيوببة هي النقطة الوحيدة المتبقية لتوقيع إتفاق لفتح المسارات الانسانية لاغاثة المناطق والمحتاجين بالنيل الازرق
وجبال النوبة، لم يكن مستبعد وغريب علي النظام ان يقوم بطرح مبادرة جديدة بخصوص المسارات الانسانية بعد ان وجد مقترح الحركة الشعبية ترحيب ودعم من الوساطة والقوي الاقليمية والدولية والمحلية، لذا جاءت مبادرة النظام التي تفوه بها ابراهيم محمود رئيس وفد النظام من كسلا مؤخرا، وهو نفس الموقف الذي طرحه ابراهيم محمود كموقف حكومي في مفاوضات الجولة رقم ١٥ بعد ان عجز عن الرد للرئيس أمبيكي والوسطاء عن الاجابة والرد علي نقطة اصوصا وتمسك بالسيادة الوطنية كسبب رفض النظام الرئيسي لها كمعبر للمساعدات الانساني، وهو السبب الذي فنده ممثل الامم المتحدة للشئون
الانسانية الذي كان حاضرا كوسيط، ومن بعد ذلك طرح محمود نفس الموقف الحالي مايسميه ” مبادرة جديدة” بعد ان فشل مقترحة في توصيف الاوضاع الانسانية بالمنطقتين من حالة حوجة كما زعم هو واعضاء وفدة بل تم الاتفاق والموافقة علي توصيف الحالة استنادا علي مقترح الحركة الشعبية وتوصيفها بالكارثة الانسانية، ما طرحه ابراهيم محمود ويطلق عليه ” مبادرة جديدة” وهو موقف بائس وحلغير منطقي وعقلاني يعبر عن زهنية خاوية وفكر فطير في تناول القضايا الانسانية، وليس بموقف جديد للوقوف عنده لما فيه من خير بل هو شر مستبطن ومضيعة للزمن، ولا يخاطب قضية المسارات الانسانية ويتهرب من
معالجة نقطة الخلاف الاساسيةالمتمثلة في أصوصا، وهو ليس حلا ولن يكون بديل بأي حالة من الأحوال لمعبر أصوصا، ولن تتنازل الحركة الشعبية عن هذا الموقف مطلقا، ومحاولة وفد النظام الالتفاف حول هذة النقطة الوحيدة المتبقية باطلاق ما سماه بالمبادرة الجديدة، وهي حيلة اخري من حيل النظام الماكرة للالتفاف علي ما تم انجازة في الجولات السابقة والتنصل مما اتفق عليه، وللنظام مازال يراهن على إستمرار الحرب وعلى إحراز نصر عسكري من خلال متحركات مليشياته التي تهزم وتجرد من سلاحها كل صيف، ولم يتعلم قادتها بعد من تجارب الصيف الحاسم، المبادرة الجديدة لقيادة المؤتمر الوطني لا يرئ فيها جديد في الموقف الحكومي بل هي مضيعة للوقت ولن تؤدي الي التوصل لإتفاق حول المساعدات الانسانية او وقف للعدائيات، فهي مجرد مناورة للهروب من الضغوط الإقليمية والدولية، وشراء الوقت واصوصا لن تكون عجوبة التي خربت سوبا كما يتوهم سدنة نظام المؤتمر الوطني.