الحزب البائد الناهب لمقدرات الوطن الرائد طال سيفه التمكيني الحزبي والأيدلوجي السلك الدبلوماسي، فلم يسلم منه الهيكل الاداري لهذا الجهاز العاكس لوجه البلاد الذي كان مشرقاً في المحافل العالمية، على وزيرة الخارجية القادمة على صهوة حصان الثورة الديسمبرية المجيدة أن تشفي صدور الشعوب السودانية، بازالة وتفكيك المنظومة والشبكة الواسعة من السفراء المؤدلجين بجميع درجاتهم، وكل توابعهم من القناصل والموظفين الكبار الموالين للنظام البائد، واحلال الكادر المهني المؤهل لشغل الشواغر باعلان رسمي عبر وسائل الاعلام، منذ سقوط الدكتاتور لم يتطرق المفككون لعش دبّور السلك الدبلوماسي، ولم تطرق مطرقتهم مكامن بؤر التمكين الذي عبثت به ايدي البائدين بهذا المرفق، وتماشياً مع روح ثوار ديسمبر المتطلعين لانجاز أهداف ثورتهم المجيدة، على وزيرة الخارجية أن لا تغفل عن هذا الواجب الثوري الذي يمليه عليها الوفاء لدين دماء الشهداء، وجميعنا شهد عمليات الفصل والنحر الجماعي التي طالت خيرة السفراء بعد حدوث جرم انقلاب يونيو المشؤوم، نريد لسودان ما بعد الثورة أن يكون خالياً من العمل الدبلوماسي المؤدلج، ومبرأً من العلاقات الخارجية المنغلقة التي لا تراعي سيادة البلاد ومصالحها العليا.
الجوازات الدبلوماسية الصادرة عشوائياً خدمة لعوائل ومحاسيب وأسر ورموز الحزب البائد يجب أن تلغى على الفور، ولو حدث أن تم تجديد وثيقة واحدة منها بعد تاريخ يوم الثاني عشر من ابريل، وجب التحقيق مع الموظف والقنصل والسفير وضابط الجوازات الذي سهّل عملية ذلك الاجراء، ومن الضروري الزام وزارة الخارجية بغلق جميع السفارات والقنصليات غير ذات الجدوى، بالبلدان التي لا وجود يستحق الذكر لمواطنين سودانيين فيها يحملون جواز السفر السوداني ويقيمون بارضها، والاستعاضة عنها بمكاتب لقائمين باعمال الجمهورية لا يتجاوز عدد الموظفين للمكتب الواحد الثلاثة اشخاص، لايقاف إهدار العملة الصعبة المصروفة على ايجارات العقارات السكنية والمكتبية لمثل هذه السفارات والمدفوعة كمرتبات لموظفيها، دعماً للخزينة العامة التي تعاني شح المال وتواجه تحديات الصرف والانفاق على صناعة الخبز وشراء المحروقات، كما تجب مراجعة ملفات الاجانب الذين منحوا تأشيرات دخول للبلاد، طيلة السنوات الممتدة من ليلة الثلاثين من يونيو من العام الذي نكبت فيه البلاد، حتى الثاني عشر من ابريل من العام الذي ازيل فيه الطاغوت، والتدقيق في احتمالية ارتباط من اصدرت لهم هذه التأشيرات بجرائم الارهاب وتبييض الأموال وتجارة المخدرات.
الجدوى من وجود جهاز حكومي يحمل اسم المغتربين اصبحت محل انتقاد وامتعاض من الكثيرين، فهل يا ترى الاجدى للوطن والمواطنين المتغرّبين عن ديارهم هو انشاء منظمة غير حكومية ترعى مصالحهم ويكونون فيها متخذي قرار؟، أم الأنفع لهم استمرارية هذا الجهاز الحكومي الذي لم يستفد منه المواطن المغترب؟، برأيي أن يلغى هذا الجهاز الذي ارتبط اسمه في اذهان المغتربين بالجباية والتحصيل المالي، وأن تكوّن منظمة غير حكومية لرعاية شئون المغتربين والمهاجرين، الذين يقومون بانتخاب التنفيذيين والأمناء لهذه المنظمة من بين السودانيين العاملين بالخارج انفسهم، وأن يلغى بندي الضريبة والزكاة، هذه الأموال المغتصبة من جيب المغترب الكادح دون وجه حق، فالفائدة التي تجنيها الدولة من تحويلات المغتربين كفيلة بأن تجعل المغترب لا يحمل عبء الضريبة والرسوم الخفيّة الأخرى، ومع انبلاج فجر الانعتاق الوطني علينا اعادة النظر في جميع المؤسسات التي ورثناها من النظام البائد ونحن صمٌ بكمٌ عميٌ، فالعهد الجديد لابد أن يفضي الى تجديد حقيقي لأن الثورة تعني التحديث وإلا كيف يكون التمييز بين ما قبل ومابعد ابريل؟، عندما انقلب عرّابو الحزب البائد على الديمقراطية اسموا انقلابهم على الشرعية بالثورة، وغيّروا ملامح كل شي، ما بال اصحاب الثورة الحقيقية ومُلّاك الشرعية المستحقة بجدارة لا يستطيعون قلب جناح بعوضة؟.
وزراء الحكومة الأصيلين وغير المكلفين يواجهون تحدي انزال اهداف الثورة التي اقتلعت رأس الجبروت على واقع الناس المعيش، والعهد الذي بينهم وبين الشارع هو الصدق في اتخاذ كل ما يلزم من اجراءات يزيلون بها آثار الحزب البائد، وأي تماطل من أي وزيرٍ كان سيعمل على الخصم من رصيده السياسي، خاصة وأننا نمر بمرحلة مؤقتة سوف تعقبها انتخابات عامة، يرتقي فيها من ينفع الناس ويذهب جفاءً من كان زبداً مثل زبد البحر هشّاً رخواً غير ذي بال، والأهم من ذلك أن وزراء هذه الحكومة الانتقالية غير (المكلّفة) جاءوا عبر محاصات حزبية معلومة، فعندما يخطيء وزير المالية يدفع ثمن خطأه الحزب أو الحركة التي قذفت به فارساً مغواراً من أجل سموالبلاد ورفعتها، وكذا وزراء كل من الخارجية والتجارة والصناعة والمعادن والثروة الحيوانية والشئون الدينية ومجلس الوزراء، جميعهم يعكسون ايجاباً وسلباً أداء هذه الحركات والأحزاب – المؤتمر والبعث والأمة والعدل والتحرير والشعبية، فلا يظنن أحدٌ أن عين الناخب ستغفل عما يعمل القادمون من ردهات واروقة هذه التنظيمات السياسية، والمرحلة الانتقالية عبارة عن مصفاة لتنقية الساحة السياسية من الشوائب، حتى اذا جاء موعد ازاحة الستار عن خيمة الصندوق الانتخابي يعلم الذين صدقوا أو كذبوا أي منقلب ينقلبون.
اسماعيل عبد الله
17 ابريل 2021